الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نساء يرفعن شعار «الحوار الأسري ضرورة»

نساء يرفعن شعار «الحوار الأسري ضرورة»

هل يسود أسرتكما جو من الشورى والحوار تنعمان من خلاله باتفاق الآراء حول القرارات المهمة التي تخص حياتكما، أم الذي يتخذ القرار في البيت ديكتاتور بعيد عن الآخرين يأمر وينهي وعليهم السمع والطاعة، نظرة على بيوتنا لنرى أي الصورتين أقرب: المشاركة، أم الاستبداد؟

تقول أمل حسان (زوجة، وأم منذ 12 عامًا): الحوار طبعًا شيء أساسي في الأسرة، فبيني وبين زوجي حوار متصل حول كل أمورنا وأمور أبنائنا، وما يخص مستقبلنا، حتى نصل لرأي سليم. وليس شرطًا أن يكون رأي الزوج هو الملزم، أو رأيي أنا، وإنما الرأي الذي فيه مصلحة الأسرة، وقد نختلف أحيانًا، ولكنها مجرد خلافات عابرة.

وتوافقها الرأي لبنى عبد العزيز (أم لثلاثة أبناء، ومتزوجة منذ عشر سنوات) حيث تقول: لا أتخيل أسرة يغيب فيها الحوار والشورى، ورغم أن عمل زوجي كطبيب يشغل تقريبًا كل وقته، إلا أنه لا بد أن أنتظر عودته، وحتى لو أثناء الطعام، نناقش ما يخصنا، وأحكي له عن يومي ويوم الأولاد والأحداث التي مررنا بها، وبهذا أشعر أننا نعيش كأسرة، وإذا انشغل عنا أشعر بأننا في واد، وهو في واد آخر، وأني أعيش وحدي، وهذا ما لا يعجبني، ولا أوافق عليه.

أما آمال عادل (زوجة منذ 14 عامًا)، فالأمر مختلف عندها بعض الشيء، فهي تقر أن زوجها يشاورها، ولكنه لا يأخذ برأيها في أغلب الأحيان، وتقول: أنا أيضًا حين أريد أن أفعل شيئًا أو أشتري شيئًا آخذ رأي الأولاد، ولكني أفعل في النهاية ما آراه صوابًا، وليس ما يراه الآخرون.

وتنعي وفاء سالم (زوجة منذ ثماني سنوات، وأم لثلاثة أطفال) حظها، وتقول: منذ صغري وأنا معروفة بالرأي والحكمة، وكنت ذات رأي في أسرة والدي، بل وأسر إخوتي وأخواتي المتزوجين أيضًا، حيث يشاورونني في الأمور المهمة، ولكن للأسف زوجي لا يشاورني في أي شيء، وإذا حدث وشاورني، فإنه لا يأخذ برأيي، ودائمًا يسفه رأيي، ويتهكم علي، ثم يتضح بعد ذلك خطأ رأيه وصواب رأيي، ولكني لا أستطيع التعليق حتى لا أتعرض للإساءة.

أما رأي الرجال فمختلف فها هو جمال نصير (زوج منذ 21 عامًا) يقول: «شاوروهم وخالفوهم»، هذا هو المثل الذي أؤمن به، ويستطرد: وهل للنساء رأي؟ صحيح زوجتي متعلمة، ولكني رجل البيت، والكلمة كلمتي، و " الشورى شورتي " ، هو يعترف أن هناك حوارًا داخل الأسرة، فزوجته تعرف تفاصيل يومه، من خلال ما يحكيه لها، وكذلك بناته الخمسة، ولكن في النهاية لا ينفذ إلا رأيه هو.

أما أحمد عبد العظيم (متزوج منذ عشر سنوات)، فيقول: ما معنى الأسرة إذا كان الرجل في واد، والمرأة في واد آخر، والأولاد في واد ثالث؟! فالأسرة في نظري تعني رابطة مشتركة ليست بين طرفين فقط هما: الزوج والزوجة، ولكن بين أطراف ثلاث هم: الزوجة والزوج والأبناء؛ فلا بد إذًا أن يكون هناك حوار دائم ومتبادل بين هذه الأطراف ومشاورة في كل صغيرة وكبيرة؛ لأن أي قرار يتم اتخاذه سيعود على جميع أفرادها، إما بالسلب أو بالإيجاب.

وتحكي زينب الديب عن أبيها فتقول: كان مثالاً رائعًا للأب (يرحمه الله)؛ فقد كان يشاورني دائمًا في كل شيء، وإذا ما رأى في رأيي صوابًا أخذ به، وغالبًا ما كان يحدث هذا؛ فأشعرني بقيمتي، ونمَّى شخصيتي، وزاد ثقتي بنفسي، وأثر في حياتي بشكل كبير، وأتمنى أن يكون زوجي مثل أبي؛ حتى ينعم أولادي بما نعمت به.

السبب و العلاج
ويرجع الأستاذ الدكتور علي ليلة - أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس - السبب في غياب الحوار الأسري، وتراجع قيمة الشورى إلى ثقافتنا التقليدية التي تؤكد «المجتمع الأبوي»، بمعنى أن الأب والأم دائمًا مصدر السلطة والقرار ( دون نقاش أو حوار ) ، هذا إلى جانب تيار العزلة الذي فرض نفسه حديثًا على المجتمع؛ بسبب انشغال الآباء في تحصيل الرزق لتدبير احتياجات الأسرة، إلى جانب وسائل الاتصال الحديثة التي تأخذ وقت الكثيرين بشكل منفرد، وليس جماعيًا، فحتى مشاهدة التلفاز يجلس الجميع أمامه في صمت تام، فهناك تقارب جسدي فقط، هذه الأسباب مجتمعة تجعل من الحوار أمرًا غير وارد، وبالتالي تغيب الشورى بين أناس يغيب بينهم الحوار أصلاً.

وينصح د. علي ليلة الآباء بضرورة الاهتمام بما يسميه الجلسة الأسرية لمدة ساعة يوميًا على الأقل يجتمع فيها جميع أفراد الأسرة، يتحدثون عن أنفسهم، وعن الأحداث التي قابلتهم طوال اليوم، وبهذا نقضي على العزلة. ولا بد من وجود مساحة للحوار، حتى وإن كان الأبناء في سن صغيرة؛ لأن هذا يعد تدريبًا لهم على المشاركة الأسرية، وحتى إن لم يجد الآباء ما يناقشونه، فليحكوا عن أي شيء، وليحرصوا على هذه الجلسة، وهي ستفرز قضاياها، ويشير إلى أْهمية هذا الاجتماع اليومي الذي يزيد التقارب والتواصل بين أفراد الأسرة الواحدة، ويعمق شبكة العلاقات، حتى تعود قوية متماسكة من الداخل، ولا يكون التماسك مجرد مظهر فقط، بينما كل فرد منعزل عن الآخر، وهو حال كثير من الأسر. كما أن هذا الاجتماع يقضي على المشكلات في بدايتها؛ وذلك لتنوع وتعدد الآراء، ويمنع كثير من الانحرافات التي قد تحدث نتيجة لغياب الجو الأسري الدافئ.


مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة