الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المحظوظون حقا

المحظوظون حقا

المحظوظون حقا

يتكلم الناس عن المحظوظين في هذه الحياة، وأصحاب الحظوة فيها.
يقول الناس: إن فلانا حظه طيب؛
عنده بيت،
عنده سيارة،
عنده وظيفة،
عنده زوجة جميلة،
عنده أولاد،
عنده أموال،
صاحب منصب،
عنده علاقات قوية،
عنده واسطة،
عنده.. عنده.. عنده.

قد تكون هذه كلها حظوظا فعلا في نظر الناس، ولكنها كلها ـ كما ترى ـ من حظوظ الدنيا، والتي لا حسد فيها عند العقلاء.

لكن من هو المحظوظ حقا؟
المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن أعظم النعم على الإطلاق هي نعمة الإيمان؛ فيلزم الشكر على أن جعله الله من المسلمين.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن العبودية هي مراد الله من خلقه فيلزم عتبتها ويتمسك بها. {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن الصلاة هي ركن الإسلام الأول والأكبر بعد الشهادتين، فيحافظ عليها ولا يفرط فيها.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن صلاة الجماعة تفوق صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة فيحافظ عليها حيث ينادى بها.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن من صلى الفجر في جماعة كان في ذمة الله، فيعمل على ألا يفوته فجر يوم.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن الأعمال لا تقبل إلا بالإخلاص، فلا يرجو بعمله ـ مهما قل ـ إلا وجه الله وحده لا شريك له.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن الجنة لا يوصل إليها إلا باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم والسير على منهجه، فيلزم غرزه ويقتفي أثرة ويعمل بسنته.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن مراتب الجنة العلى إنما أقصر طرقها حسن الخلق؛ فيحسن خلقه ويصلح تعاملاته مع المخلوقين.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن من قرأ الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه، فيقرءهما.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن من قرأ آية الكرسي بعد كل صلاة لا يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت، ويقرؤها.

المحظوظ حقا: الذي يعلم أن من قرأ آية الكرسي عند النوم لا يزال عليه حافظ من الله حتى يصبح ولا يقربنه شيطان.. ويقرؤها.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن قيام الليل شرف المؤمن، فيجتهد أن يقوم من الليل ولو قليلا، ولو "فواق ناقة".

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن قراءة سورة الإخلاص ثلاث مرات تعدل ختم القرآن الكريم.. ويقرؤها.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة (حسنة)، ويقول ذلك.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.. خير مما طلعت عليه الشمس.. ويقول ذلك.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن قول: لا إله الا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات بعد صلاة المغرب، وعشر مرات بعد صلاة الفجر قبل أن يغير جلسته، تعدل عتق أربع رقاب من ولد إسماعيل عليه السلام.. ويقول ذلك.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته.. تحل له شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.. ويقولها.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن كل حرف يقرؤه من القرآن له به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، فلا يمر يوم دون أن ينظر في المصحف ويقرأ شيئا منه.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن ركعتي الضحى صدقة عن ثلاثمائة وستين عضواً في جسده، وهي لا تستغرق خمس دقائق فلا يفوتها.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن النبي صلى اله عليه وسلم وصى أبا هريرة بصلاة الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن يوتر قبل أن ينام.. فيأخذ بالوصية ويعمل بها.

المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، تُغفر ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.. ويقول ذلك، ويرشد غيره إليه!

إن أعظم الحظوظ النافعة لأصحابها ليست في المال ولا في زينة الدنيا، وإنما قد تكون في أشياء لا يراها كثير من الناس حظوظا أصلا ولا يشعر بها الأكثرون.

قال الحسن: "من لم ير لله عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب، فقد نقص علمه وقرب عذابه.

إن المحظوظ حقا: هو الذي يعلم أن "المحظوظ حقا" هو من رزق من النعم ما يقربه إلى الله ورضاه ومحبته ومعيته.. فهذا هو الحظ الحقيقي.

فاللهم اجعلنا من المحظوظين، واجعل لنا فيما يرضيك أوفر الحظ والنصيب. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة