الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسباب تفاوت الصحابة في رواية الأحاديث

أسباب تفاوت الصحابة في رواية الأحاديث

 أسباب تفاوت الصحابة في رواية الأحاديث

كان الصحابة رضي االله عنهم معنيين بحفظ الحديث، وكانوا يختلفون في ذلك قلة وكثرة، ولذلك أسباب خاصة تعرف من ترجمة كل صحابي على حدة، وأسباب عامة يمكن إجمالها فيما يلي:

ـ الاشتغال بالخلافة والحروب وقضايا الأمة حال دون كثرة الرواية كما في الخلفاء الأربعة وعلى العكس من ذلك مكَّن التفرغ من هذه الشواغل لكثير من الصحابة في كثرة التحمل والأداء، كما هو الشأن في أبي هريرة وعائشة وابن عمر وغيرهم.
ـ طول الصحبة للنبي صلى االله عليه وسلم، وكثرة ملازمته سفرا وحضرا، كان مدعاة للإكثار من تحمل الحديث وروايته كما في ابن مسعود وأبي هريرة، وجابر بن عبد االله وأنس وابن عمر وغيرهم رضي االله عنهم، وفي ذلك يقول أبو هريرة : قال: ( إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة، ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا، ثم يتلو: ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى )( البقرة/159)، إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون ) رواه البخاري.
ـ تجدد الحوادث،واحتياج الناس إلى بيان أحكامها، كان سببا في كثرة الأداء والرواية، والحرص على طلب الحديث، حتى تعرف الأحكام الشرعية في مثل هذه الحوادث .
ـ وقوع الفتنة وظهور الكذب في الحديث من بعض الفِرق، كالشيعة والخوارج الذين وضعوا كثيرا من الأحاديث، مما دفع الصحابة إلى قلة الأحاديث التي تروى، وإلى التشدد فيمن يؤخذ عنهم الحديث من الرواة، كما هو الحال مع علي بن أبي طالب وغيره .
ـ كثرة الأتباع وقلتهم ونشاطهم، كان له أكبر الأثر في كثرة الرواية، وقلتها عن الصحابة رضي االله عنهم .
ـ التفاوت الطبيعي في قوة الذاكرة والحفظ، فطبيعة الناس أن يكون فيهم الحافظ وغير الحافظ فإذا حدثهم النبي صلى الله عليه وسلم حفِظ البعض ونسِي البعض، كما في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ( قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم مقاما، فأخبرنا عن بدء الخلق، حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه، ونسيه من نسيه) رواه البخاري، ومثله عن حذيفة بن اليمان.
ـ التفرغ للعبادة والتحرج من رواية الحديث على غير اللفظ المسموع من رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل بعض الصحابة يحجِمون عن رواية الأحاديث، أو يقللون منها.
ـ تقدم وفاة الصحابي أو تأخرها، ومدى حاجة الناس إلى ما عنده من العلم فمن تقدمت وفاتهم كانوا غالبا أقل رواية ممن تأخرت وفاتهم، واحتاج الناس إلى سؤالهم ومعرفة ما عندهم من العلم، في الحوادث التي تكثر وتتجدد، وبخاصة مع اتساع نطاق الفتوحات الإسلامية، وكثرة الداخلين في الإسلام، ولذلك نجد أن المكثرين جميعا كانوا من أحداث الصحابة، فأبو هريرة وجابر رضي االله عنهما كانا في نحو السابعة والعشرين عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وابن عمر رضي االله عنه كان في نحو الحادية والعشرين، وأنس وأبو سعيد الخدري رضي االله عنهما كانا في نحو العشرين، وأم المؤمنين عائشة رضي االله عنها كانت في نحو الثماني عشرة، وابن عباس رضي االله عنهما كان في نحو الثالثة عشرة، فتهيأ لهم أن يحملوا عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أكابر الصحابة، وتأخرت وفاتهم حتى احتاج الناس إلى ما جمعوا من العلم، فكثرت مروياتهم.
ـ تحرج بعض الصحابة وتهيبهم من الرواية عن رسول االله صلى الله عليه وسلم ، حذراً من الخطأ أو الزيادة أو النقصان، ونحو ذلك.
هذه أهم الاسباب التي جعلت الصحابة يتفاوتون في كمية الاحاديث، وكثرة الرواية وقلتها.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة