الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قرائن تعدد الحادثة اختلاف سياق الحديث

من قرائن تعدد الحادثة اختلاف سياق الحديث

 من قرائن تعدد الحادثة اختلاف سياق الحديث

من الأمورالمهمة التي ينبغي أن تعلم في مسألة اختلاف الأحاديث أنه ليس كل اختلاف يقع بين الروايات، سواء في سياقها ، أو زمان ورودها أو مكانها، أو صاحب القصة فيها، يكون دالاً على تعدد الحادثة، وهذا الاختلاف إما أنه واقع في أصل الرواية، أو طارئ عليها من قبل الرواة، والذي يدل على تعدد الحادثة هو ما كان صادرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا عن الرواة، وحتى يمكن حمل الاختلاف على تعدد الحادثة، يجب مراعاة هذه الضوابط كما دل عليها كلام بعض النقاد.

-أن يكون الاختلاف محفوظا لا معلولا.
-أن يكون اختلافا حقيقيا لا ظاهريا.
- أن يكون اختلافا مؤثرا لا وهميا، والاختلاف المؤثر هو الذي لا يمكن قبول الروايتين فيه إلا بالقول بتعدد الحادثة.
وقد وقع لبعض أهل العلم خلط في تأصيل هذه القرينة، فتوسعوا في الاستدلال على تعدد الحادثة بأدنى اختلاف واقع في الروايات، مع كونه اختلافا معلولا غير محفوظ تارة، أو اختلافا ظاهريا لا حقيقيا، أو اختلافا يسيرا غير مؤثرا.
وبالعودة إلى موضوعنا، فإن اختلاف سياق الحديث الدال على تعدد الحادثة قد قال به جمع من العلماء، كابن خزيمة، وابن حبان، والقاضي عياض، والقرطبي والعراقي،وابن حجر وغيرهم، بل صرح ابن حجر بأنه قرينة على التعدد.
ومن الأمثلة على اختلاف السياق الذي تحققت ضوابطه، فكان دالا على تعدد الحادثة، حديث أنس بن مالك رض الله عنه في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيتهم، رواه كل من إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وثابت البناني ، وموسى بن أنس عن أنس بن مالك.
ففي رواية إسحاق بن عبد الله عنه ( أن جدته مليكة دعت رسول الله عليه وسلم لطعام صنعته له، فأكل منه ثم قال: قوموا لأصلي بكم، فقمت لحصير لنا قد اسود من طول ما لبث ، فنضحته بماء، فقام رسول الله عليه وسلم، فصففت واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله عليه وسلم ركعتين، ثم انصرف) رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية فقال: ( وأمي أم سليم خلفنا).
وأما رواية ثابت البناني عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم حرام، فأتوه بسمن وتمر، فقال: ردوا هذا في وعائه، وهذا في سقائه، فإني صائم، ثم قام فصلى بنا ركعتين تطوعا، فقامت أم سليم وأم حرام خلفنا، قال ثابت: ولا أعلمه إلا قال: أقامني عن يمينه على بساط) رواه مسلم.
وأما رواية موسى بن أنس عنه فقد وردت بألفاظ مختلفة، ومن هذه الروايات: ( كان هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه وخالته، فصلى بهم رسول الله عليه وسلم، فجعل أنسا عن يمينه، وأمه وخالته خلفهما )، وهذا اللفظ موافق لرواية ثابت عن أنس.
ومن خلال هذه الروايات يظهر أن بين روايتي إسحاق وثابت، اختلاف في السياق واضح، وبه استدل ابن حبان وابن حجر على تعدد الحادثة، وهو ظاهر صنيع البخاري وأبي داود والنسائي في تراجمهم، فأما البخاري فترجم لرواية إسحاق عن أنس ( باب المرأة وحدها تكون صفا)، ولم يعدها مختصرة من رواية ثابت عن أنس التي فيها ذكر أم سليم وأم حرام جميعا.
وأما أبو داود فأخرج رواية ثابت عن أنس تحت ترجمة ( باب الرجلين يؤم أحدهما صاحبه كيف يقومان) لعدم ذكر اليتيم فيها، وأما رواية إسحاق عنه، فترجم لها ( إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون ) وفيها ذكر اليتيم.
واستدل الحافظ ابن حجر على تعدد الحادثة بالأكل في رواية إسحاق ، وعدم الاكل في رواية ثابت وموسى عن أنس .
وكذا استدل ابن حبان على التعدد، بأن رواية إسحاق أن أنس واليتيم قاما خلف المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ورواية ثابت قام أنس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم والمرأتان خلفهما.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة