الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقصد حفظ الموارد المائية في السنة النبوية

مقصد حفظ الموارد المائية في السنة النبوية

مقصد حفظ الموارد المائية في السنة النبوية

يرتبط حفظ الماء بالضرورات الكلية التي جاء الإسلام كله لحفظها ورعايتها، وذلك أنه داخل في حفظ النفس برتبة الضروريات، فبه قوام بدن الإنسان، وكثير من منافعه الضرورية التي تحفظ نفسه ومعاشه وغذاءه، ويدخل في الدين برتبة الحاجيات والتحسينيات، فبه تحصل الطهارات الواجبة، والنظافة لبدنه وثيابه وغيرها.

ولذلك فإن الشريعة أحاطت هذا العنصر الضروري بمجموعة من التشريعات تضمن شيوعه بحيث يصل إليه الجميع بكل يسر وسهولة، وتشريعات تضمن المحافظة عليه من الإهدار والسرف، وهذا واضح في السنة المطهرة.
وقد ذكر العلماء معيارين للمقاصد يستطيع الباحث من خلالهما تقصيد أحكام الشريعة، فمقاصد الشرع محفوظة بالحث على إيجادها، ومحفوظة من النهي عن فعل ما ينقصها أو يتلفها، وهذا مطبق على المقاصد الضرورية من حفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل، وهما معياري الوجود والعدم، وتطبيقهما على مقصد حفظ الماء هذا بيانه.
الأول: مقصد حفظ الماء من جانب الوجود:
فمقصد حفظ الماء جاء في السنة ما يشير إليه من جانب الوجود، بالحث على إيجاد مصادره، ففي مسند البزار عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبع يجري للعبد أجرهن من بعد موته، وهو في قبره: من علم علما، أو كرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، أو بنى مسجدا، أو ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته».
الثاني: مقصد حفظ الماء من جانب العدم:
فقد وردت أحاديث كثيرة في النهي عن الإسراف في الماء حتى ولو كان يستعمله في عبادة، حتى ولو كان في وفرة من الماء، وهذه بعض الأحاديث.
عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد، وهو يتوضأ، فقال: «ما هذا السرف» فقال: أفي الوضوء إسراف، قال: «نعم، وإن كنت على نهر جار» رواه ابن ماجة في سننه.
قال النووي في شرحه على مسلم: وأجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو كان على شاطيء البحر.
وفي صحيح مسلم «كانَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَتَوَضَّأُ بالمُدِّ، ويَغْتَسِلُ بالصَّاعِ، إلى خَمْسَةِ أمْدادٍ».
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا رسول الله كيف الطهور فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل ذراعيه ثلاثا، ثم مسح برأسه فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه، وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثا ثلاثا»، ثم قال: «هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم، أو ظلم وأساء ».
عن أبي نعامة: أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: " اللهمّ إني اً سْألُك القصْر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتُها. قال: يا بُنيّ سل الله - عزّ وجلّ- الجنة، وتعوذ به من النّار، فإنّي سمعتُ رسول الله يقول: « إنه سيكونُ في هذه الأمّة قوم يعْتدُون في الطُّهُور والدُعاء ». رواه ابن ماجة.
قال العيني في شرحه على أبي داود: وأما الاعتداء في الطهور أن يسرف في الماء، بأن يكثر صبه أو يزيد في الأعداد.

ومما جاءت به السنة النبوية لمقصد حفظ الماء من جانب العدم:
نهي السنة عن تلويثه، فقد روى ابن ماجة في سننه "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الماء الراكد"، والمقصد من هذا النهي هو الحفاظ على الماء، وإبقائه على حالته للاستعمال والانتفاع، وبالتالي فكل تصرف يخرجه عن ذلك فهو مناقض لمقصد الشريعة في حفظ الماء.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة