الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كرمها الإسلام فتركت النصرانية

كرمها الإسلام فتركت النصرانية

كرمها الإسلام فتركت النصرانية

ولدت مريم هيكورن عام 1959م لأبوين بلجيكيين ينتميان إلى المذهب الكاثوليكي النصراني، وعلى دين والديها شبت الصغيرة تعتنق مذهب الكثلكة ، مع عدم التزامه، لكونها - مثل أسرتها- غير متدينة.

وحتى سن العاشرة لم تكن مريم قد سمعت شيئاً عن دين اسمه الإسلام، فكل معرفتها وعلاقتها بالأديان لا تتعدى النصرانية، ولهذا عندما سمعت بعض أصدقائها يذكرون الإسلام بسخرية لم تجد غضاضة في أن تشاركهم الضحك والتعليق الساخر، إذ لم يطف برأسها وهي في تلك السن الصغيرة أنها سوف تصبح يوماً مسلمة.

أخلاق محيرة
ولأنها شبت في أسرة غير متدينة، فقد كانت مريم تؤمن بالله على عقيدة النصارى، لكن دون أن تدرك معنى كلمة الله ، بل كانت تجد في أخلاق الكاثوليك وتصرفاتهم ما يثير في نفسها الحيرة من تشدقهم برعاية الأخلاق ؛ فيما يدوسون كل يوم - حتى في الكنيسة - على ما ينادي به كتابهم المقدس من مبادئ ، لكنها حين كبرت قليلاً وصارت في الثالثة عشرة من عمرها بدأت روح المراهقة داخلها تطلق تساؤلات، وتطالبها بالسعي إلى الدين . ولكن .. إلى أي دين تسعى؟!

كان هذا السؤال يؤرق بالها، إذ أنها لم تسترح لموضوعات كثيرة سمعتها في الكنيسة عن العقيدة النصرانية ، وفي الوقت ذاته سمعت واختلطت بأديان أخرى مثل اليهودية والبوذية ، أما الإسلام فلم يرد ببالها، لأن كل معلوماتها عنه لا تتعدى ما سمعته من وسائل الإعلام، وهي بطبيعة الحال غير أمينة في نقل صورة حقيقية عن هذا الدين القيم .

حين بلغت مريم هيكورن عامها العشرين، وتحديداً عام 1979م، كانت قد التقت بالرجل الذي اختاره الله ليكون زوجاً لها، كان شاباً مغربياً مسلماً يدعى فؤاد بن ميلودي البادي ، وعلى الرغم من كونه مسلماً إلا أنه لم يكن ملتزما لكنه كان - بطريقة غير مقصودة - طريقاً من الطرق التي عرفت من خلالها أشياء كثيرة عن الإسلام ، إذ زارت المغرب والتقت بمسلمين كثر .

موعد مع الهداية
على أن الهداية جاءت لها على يد امرأة بلجيكية ذهبت إلى الهند عام 1982م وأسلمت ، ولأنها صديقة لمريم، فقد كانت تزورها، وذات يوم قبل أن تغادر إلى بريطانيا تركت ذكرى طيبة في منزل مريم ، هي نسخة من ترجمة فرنسية لمعاني القرآن الكريم، وحين قرأت مريم الترجمة، وجدت نفسها تبحث عن الإسلام، وقررت أن تدرس العربية، فالتحقت بالمركز الإسلامي ببروكسل عام 1984م وصارت مسلمة.

لقد شاء الله ألا ينقذ روح مريم الحيرى وحدها، لكنه تعالى أنقذ روح زوجها معها، إذ أن المهتدية الجديدة حين أسلمت بدأت تسأل زوجها المسلم غير الملتزم عن أشياء كثيرة ، ويتناقشان ، وكان ثمرة هذا النقاش أن صار الزوج من ملتزمي الإسلام ، بل إن تأثيرها امتد ليشمل أخوات زوجها اللواتي لم يكن ملتزمات بالحجاب والصلاة ، فأثرت مريم بإيمانها الشديد فيهن .

وهنا يطفو سؤال: وماذا كان موقف أسرتها هي من إسلامها ؟
إن الأمر كان صعباً على أسرتها ، فعلى الرغم من عدم التزام الأسرة الديانة النصرانية ، إلا أنها لم تتخيل أن تترك ابنتها عقيدة آبائها يوماً؛ من هنا كان رفضهم لإسلام مريم، وبخاصة الأم، إلا أنهم بمرور الزمن بدؤوا يتقبلون الواقع، وبخاصة حين رأوا أن ابنتهم بعد إسلامها صارت أفضل مما كانت عليه أيام النصرانية ، وما لبث والدها أن بدأ يقرأ معاني القرآن الكريم مترجمة، والأمل كبير أن ينقذ الله روحه الحيرى ، ولا سيما بعد ما صار يعلن عن حبه للإسلام، لكن دون اتخاذ الخطوة المطلوبة نحو إشهار إسلامه.

المرأة الأوروبية مخدوعة
لقد أتاح كون مريم متزوجة من شخص مسلم فرصة لها في أن تقلل المعارضة لقرار إسلامها، ثم إنه أيضاً أتاح لها أن تتعرف إلى مسلمين، وان تقابل بين حال المرأة في أوربا، وحالها كما تراها شريعة الله التي هي الإسلام، فالمرأة في أوربا قد خدعوها باسم الحرية ، وأحالوها إلى مجرد دمية يتسلون بها، ففقدت أنوثتها، وفقدت كرامتها، وصارت لا تزيد على كونها لعبة يلهو بها الرجال وقتما يشاؤون..

فباسم المساواة جردوها من كل معاني الأنوثة، وباسم الحرية أقنعوها بالاستجابة لنداء الحيوان ، والعيش بدون زواج ، أما في الإسلام فقد وجدت مريم وضعاً آخر للمرأة ، التي لم تنل في أي عقيدة تكريماً أو موقعاً مماثلاً لذلك الذي لقيته من العقيدة الإسلامية التي أكرمتها زوجة وأماً وأختاً وابنة، وأتاحت لها حقوقاً لم تحصل عليها نظيراتها الغربيات ، وأولها حقها بعد الزواج في الاحتفاظ باسم عائلتها وشخصيتها وأهليتها المدنية كاملة، بعكس المرأة الغربية التي لا تلبث بعد الزواج أن تتسمى باسم عائلة زوجها، وتصبح حقوقها المالية مشتركة معه، ولا تكون لها حقوقها المالية المنفصلة.

وقد حرصت مريم على أن تقوم بتعريف صديقاتها من النساء البلجيكيات كل هذه الأمور البديهية عن الإسلام ، وتصحيح معلوماتهن المغلوطة عنه.

وتطالب مريم بأن يكون الدعاة المسلمون الموفودون إلى أوربا متحلين بسعة الذهن والفكر، وقادرين على فهم نفسية الأوربي وتكوينه الاجتماعي، والعقلية التي يفكر بها وقبل هذا وبعده يجب على الداعية أن يكون قدوة بسلوكه الطيب وأخلاقه الرفيعة ، ليكون مؤهلاً لأن يقتدي به غيره .

وترى مريم أوربا مؤهلة لتكون حقلاً خصباً للدعوة الإسلامية، فوسط ذلك الطوفان من الضياع الناتج عن اللهاث المادي وراء سراب الحياة ، تولد في نفوس شبابها ضياع لا حدود له، فالكثير منهم كاره للحياة ، كاره للكنيسة التي تخلت عن دورها في توجيه المجتمع ، وصار القساوسة يتسابقون للفوز بالمال أو أحد المناصب الكهنوتية. فالأوربي النصراني -
وإن تقدم علمياً وتقنياً على الشرقي المسلم- إلا أنه متأخر كثيراً روحياً، وما تزال أرواح كثيرة تبحث عمن يهديها إلى طريق الله ، ولو وجد الدعاة المخلصون الفاهمون لنفسية الإنسان الغربي لاستطاعوا أن يضموا كل يوم عشرات من القلوب التي تهفو فطرتها التي خلقها عليها الله عز وجل ، لكنها لا تعرف طريق الخلاص ، والمطلوب مزيد من الدعاة المخلصين حتى نؤدي حقوق هؤلاء في أن يجدوا من يرشدهم إلى الإسلام.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة