الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موانع الإرث

موانع الإرث

كما أن للإرث أسباباً يتوارث بها الشخصان، فهناك موانع تمنع التوارث بين الشخصين، ويمكن إجمال هذه الموانع فيما يلي:

المانع الأول: اختلاف الدين.
ومعناه: أن يكون المورِّث (الميت) على دين، والوارث على دين آخر، فاختلاف الدين بين الشخصين يمنع من توارث بعضهم من بعض، واختلاف الدين بين الشخصين له عدة صور منها:

1: أن يكون الميت مسلماً، والوارث كافر، يهودياً أو نصرانياً أو غيرهما من ملل الكفر، وفي هذه الحال لا يرث الكافر من قريبه المسلم -بلا خلاف بين العلماء في الجملة- لحديث: لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم ... رواه البخاري.

2: أن يكون الميت كافراً والوارث مسلماً، وفي هذه الحال لا يرث المسلم قريبه الكافر في قول جمهور أهل العلم بدليل الحديث السابق.

3: أن يكون الميت كافراً من ملة، والوارث كافراً من ملة أخرى، فلا توارث بينهما لحديث: لا يتوارث أهل ملتين شتى. رواه أبو داوود والترمذي.

وتوجد اختلافات فقهية في تحديد الملة، فمنهم من قال الكفر كله ملة واحد، ومنهم من قال الملل ثلاث، اليهودية ملة، والنصرانية ملة، وما سواهما ملة واحدة.

المانع الثاني: القتل.
والقتل هو فعل ما يكون سبباً لإزهاق الروح، ومعناه: أن القاتل لا يرث المقتول، فلو قتل ولد أباه فإنه لا يرثه.

ومن المعلوم أن القتل أنواع، فمنه ما يكون بغير حق كقتل العمد وكقتل الخطأ وكقتل شبه العمد، ومنه ما يكون بحق كالقتل قصاصاً، والعلماء متفقون في الجملة على أن القتل مانع من موانع الإرث لحديث: ليس للقاتل شيء وإن لم يكن له وارث فوارثه أقرب الناس إليه ولا يرث القاتل شيئاً. رواه أبو داوود.

إلا أن الفقهاء اختلفوا في بعض صور القتل هل تكون سبباً في منع القاتل من الميراث أو لا.

المانع الثالث: الرق.
الرق معناه: العبودية، وهي عجز حكمي يقوم بالإنسان بسبب الكفر فيمنعه من التصرُّف، فالرقيق لا يرث الحر، لأن الرقيق لا مال له بل ماله لسيده، وقد قال الله تعالى في بيان عجز الرقيق: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ....} [الآية 75 من سورة النحل].

ومن المعلوم أن العبودية أنواع، فقد يكون الرقيق عبداً خالصاً، وقد يكون مبعضاً (بعضه حر وبعضه عبد)، وقد يكون مكاتباً، (وهو الموعود بالحرية مقابل مبلغ يدفعه)، وقد يكون مدبراً (وهو الموعود بالحرية عند موت سيده)، وقد تكون أم ولد: وهي المملوكة التي وطئها سيّدها، فحملت منه، وأتت بولد، فهذه لا تباع ولا توهب، وتُصبح حرة بمجرّد موت السيّد.

والرقيق الكامل العبودية لا يرث ولا يورث، وغيره من أنواع الرقيق فيه تفاصيل فقهية كثيرة لا يتسع المقام هنا لذكرها.