المسألة الخامسة : في  حقيقة المخصص   
اختلفوا في المخصص على قولين ، حكاهما القاضي  عبد الوهاب  في الملخص ،  وابن برهان  في الوجيز :  
أحدهما : إنه إرادة المتكلم ، والدليل كاشف عن تلك الإرادة .  
وثانيهما : إنه الدليل الذي وقع به التخصيص .  
واختار الأول  ابن برهان  ،   وفخر الدين الرازي  في محصوله ، فإنه قال : المخصص في الحقيقة هو إرادة المتكلم ; لأنها المؤثرة ، ويطلق على الدال على الإرادة مجازا .  
وقال  أبو الحسين  في المتعمد : العام يصير عندنا خاصا بالأدلة ، ويصير خاصا في نفس الأمر بإرادة المتكلم .  
والحق أن المخصص حقيقة هو المتكلم ، لكن لما كان المتكلم يخصص بالإرادة أسند التخصيص إلى إرادته ، فجعلت الإرادة مخصصة ، ثم جعل ما دل على إرادته ، وهو الدليل اللفظي أو غيره مخصصا في الاصطلاح ، والمراد هنا إنما هو الدليل ، فنقول :      [ ص: 417 ] المخصص للعام إما أن يستقل بنفسه ، فهو المنفصل   ،  وإما أن لا يستقل بل يتعلق معناه باللفظ إلى قبله ، فهو المتصل      .  
فالمنفصل سيأتي إن شاء الله .  
وأما المتصل : فقد جعله الجمهور أربعة أقسام ؛  الاستثناء المتصل   ،  والشرط   ،  والصفة   ،  والغاية   ، وزاد  القرافي  ،  وابن الحاجب  بدل البعض من الكل   ، ونازع  الأصفهاني  في ذلك قائلا : إنه في نية طرح ما قبله .  
قال  القرافي     : وقد وجدتها بالاستقراء اثني عشر :  
هذه الخمسة ، وسبعة أخرى ، وهي  الحال   ،  وظرف الزمان   ،  وظرف المكان   ،  والمجرور مع الجار   ،  والتمييز   ،  والمفعول معه   ،  والمفعول لأجله   ، فهذه اثنا عشر ، ليس فيها واحد يستقل بنفسه ، ومتى اتصل بما يستقل بنفسه عموما كان أو غيره صار غير مستقل بنفسه .  
				
						
						
