[ ص: 271 ] البحث الخامس عشر : في  إحداث دليل أو تأويل ، غير الدليل أو التأويل الأول   
إذا استدل أهل العصر بدليل ، وأولوا بتأويل ، فهل يجوز لمن بعدهم إحداث دليل آخر من غير إلغاء الأول ، أو إحداث تأويل غير التأويل الأول ؟  
فذهب الجمهور إلى جواز ذلك ; لأن الإجماع والاختلاف إنما هو في الحكم على الشيء بكونه كذا ، وأما الاستدلال بالدليل ، أو العمل بالتأويل فليس من هذا الباب .  
قال   ابن القطان     : وذهب بعض أصحابنا إلى أنه ليس لنا أن نخرج عن دلالتهم ، ويكون إجماعا على الدليل لا على الحكم .  
وأجيب عنه : بأن المطلوب من الأدلة أحكامها لا أعيانها ، نعم إن أجمعوا على إنكار الدليل الثاني لم يجز إحداثه لمخالفة الإجماع ، وذهب بعض أهل العلم إلى الوقف ، وذهب   ابن حزم  إلى التفصيل بين النص ، فيجوز الاستدلال به وبين غيره فلا يجوز ، وذهب ابن برهان إلى تفصيل آخر بين الدليل الظاهر فلا يجوز إحداثه ، وبين الخفي فيجوز ، لجواز اشتباهه على الأولين .  
قال  أبو الحسين البصري     : إلا أن يكون في صحة ما استدلوا به إبطال ما أجمعوا عليه ، وقال   سليم الرازي  إلا أن يقولوا ليس فيها دليل إلا الذي ذكرناه فيمتنع .  
وأما إذا عللوا الحكم بعلة فهل يجوز لمن بعدهم أن يعلله بعلة أخرى ؟ فقال الأستاذ  أبو منصور   وسليم الرازي     : هي كالدليل في جواز إحداثها ، إلا إذا قالوا : لا علة إلا هذه ، أو تكون العلة الثانية مخالفة للعلة الأولى في بعض الفروع ، فتكون حينئذ الثانية فاسدة .  
				
						
						
