الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                          من اسمه عافية وعامر

                                                                          3033 - (سي) : عافية بن يزيد بن قيس الأودي، الكوفي القاضي .

                                                                          روى عن : سليمان بن علي الهاشمي (س) ، وسليمان الأعمش ، ومجالد بن سعيد ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى . ومحمد بن عمرو بن علقمة ، وهشام بن عروة ، ويحيى بن عبيد الله بن موهب التيمي ، ويزيد بن عميرة الأودي ، وأبيه يزيد بن قيس الأودي .

                                                                          روى عنه : أسد بن موسى (سي) ، والحسن بن محمد بن عثمان ابن بنت الشعبي ، وعبد الله بن داود الخريبي ، ومحمد بن سعيد بن زائدة الأسدي ، ومعاذ بن موسى ، وموسى بن داود .

                                                                          [ ص: 6 ] قال أحمد بن سعد بن أبي مريم ، عن يحيى بن معين : ثقة مأمون .

                                                                          وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : ثقة .

                                                                          وقال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد ، عن يحيى بن معين : ضعيف .

                                                                          وقال أبو عبيد الآجري : سألت أبا داود ، عن عافية القاضي ، فقال : عافية يكتب حديثه؟ وجعل يضحك ويتعجب .

                                                                          وقال النسائي : ثقة .

                                                                          وقال الحافظ أبو بكر الخطيب فيما أخبرنا أبو العز الشيباني ، عن أبي اليمن الكندي ، عن أبي منصور القزاز ، عنه) : عافية بن يزيد بن قيس بن عافية بن شداد بن ثمامة بن سلمة بن كعب بن أود بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الأودي ، ولاه أمير المؤمنين المهدي القضاء ببغداد في الجانب الشرقي .

                                                                          وبه قال : أخبرنا الحسن بن محمد الخلال ، قال : أخبرنا [ ص: 7 ] علي بن عمرو الحريري ، أن علي بن محمد بن كاس النخعي ، حدثهم قال : حدثنا إبراهيم بن محمد البلخي ، قال : حدثنا محمد بن سعيد الخوارزمي ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : كان أصحاب أبي حنيفة الذين يذاكرونه : أبو يوسف ، وزفر ، وداود الطائي ، وأسد بن عمرو ، وعافية الأودي ، والقاسم بن معن ، وعلي بن مسهر ، ومندل ، وحبان ابنا علي ، وكانوا يخوضون في المسألة ، فإن لم يحضر عافية ، قال أبو حنيفة : لا ترفعوا المسألة ، حتى يحضر عافية ، فإذا حضر عافية ، فإن وافقهم ، قال أبو حنيفة : أثبتوها ، وإن لم يوافقهم ، قال أبو حنيفة : لا تثبتوها .

                                                                          وبه قال : أخبرنا علي بن أبي علي ، قال : أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر ، قال : أخبرني محمد بن جرير الطبري في الإجازة . أن المهدي استقضى ابن علاثة وعافية سنة إحدى وستين ومائة. فكانا يقضيان في عسكر المهدي ، وعلى الشرقية عمر بن حبيب العدوي .

                                                                          وبه قال : أخبرني محمد بن الحسين القطان ، قال : أخبرنا محمد بن الحسن بن زياد النقاش ، قال عافية بن يزيد الأودي ، قلده المهدي القضاء ، شرك بينه وبين محمد بن محمد بن عبد الله بن علاثة الكلابي ، فأخبرنا عبد الله بن الحسن الحراني ، عن علي بن الجعد ، قال : رأيت محمد بن عبد الله بن علاثة ، وعافية بن يزيد الأودي ، وقد شرك المهدي بينهما في القضاء ، يقضيان جميعا في المسجد الجامع في [ ص: 8 ] الرصافة هذا في أدناه ، وهذا في أقصاه ، وكان عافية أكثرهما دخولا على المهدي .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا علي بن المحسن القاضي ، قال : أخبرني أبي ، قال : حدثني أبو الحسين علي بن هشام الكاتب ، قال : حدثنا أبو عبد الله أحمد بن سعيد مولى بني هاشم ، وكان يكتب ليوسف القاضي قديما ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، عن أشياخه ، قال : كان عافية القاضي يتقلد للمهدي القضاء بأحد جانبي مدينة السلام ، مكان ابن علاثة ، وكان عافية عالما زاهدا فصار إلى المهدي في وقت الظهر في يوم من الأيام ، وهو خال ، فاستأذن عليه ، فأدخله ، فإذا معه قمطره فاستعفاه من القضاء ، واستأذنه في تسليم القمطر إلى من يأمر بذلك ، فظن بعض الأولياء ، قد غض منه ، أو أضعف يده في الحكم ، فقال له في ذلك ، فقال ما جرى من هذا شيء ، قال : فما سبب استعفائك؟ فقال : كان يتقدم إلي خصمان موسران وجيهان منذ شهرين في قضية معضلة مشكلة ، وكل يدعي بينة وشهودا ، ويدلي بحجج تحتاج إلى تأمل وتثبت ، فرددت الخصوم ، رجاء أن يصطلحوا ، أو يعن لي وجه فصل ما بينهما ، قال : فوقف أحدهما من خبري على أني أحب الرطب السكر ، فعمد في وقتنا ، وهو أول أوقات الرطب إلى أن جمع رطبا سكرا ، لا يتهيأ في وقتنا جمع مثله إلا لأمير المؤمنين ، وما رأيت [ ص: 9 ] أحسن منه ، ورشا بوابي جملة دراهم على أن يدخل الطبق إلي ، ولا يبالي أن يرد . فلما دخل إلي أنكرت ذلك ، وضربت بوابي ، وأمرت برد الطبق . فرد فلما كان اليوم تقدم إلي مع خصمه ، فما تساويا في قلبي ، ولا في عيني ، وهذا يا أمير المؤمنين ولم أقبل ، فكيف يكون حالي لو قبلت؟ ولا آمن أن تقع علي حيلة في ديني فأهلك ، وقد فسد الناس ، فأقلني أقالك الله ، واعفني ، فأعفاه .

                                                                          وبه ، قال : أخبرني محمد بن الحسين القطان ، قال : أخبرنا محمد بن الحسن بن زياد المقرئ . أن داود بن وسيم البوشنجي أخبرهم ببوشنج ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله ، عن عمه عبد الملك بن قريب الأصمعي ، أنه قال : كنت عند الرشيد يوما ، فرفع إليه في قاض كان استقضاه ، يقال له : عافية ، فكبر عليه ، وأمر بإحضاره ، فأحضر ، وكان في المجلس جمع كثير ، فجعل أمير المؤمنين يخاطبه ويوقفه على ما رفع فيه ، وطال المجلس ، ثم إن أمير المؤمنين عطس ، فشمته من كان بالحضرة ، ومن قرب منه ، سواه ، فإنه لم يشمته ، فقال له الرشيد : ما بالك لم تشمتني كما فعل القوم؟ فقال له عافية : لأنك يا أمير المؤمنين لم تحمد الله ، فلذلك لم أشمتك ، هذا النبي صلى الله عليه وسلم عطس عنده رجلان ، فشمت أحدهما ، ولم يشمت الآخر ، فقال : يا رسول الله! ما بالك شمت ذلك؟ ولم تشمتني؟ قال : لأن هذا حمد الله فشمتناه ، وأنت لم تحمده فلم أشمتك ، فقال له الرشيد : ارجع [ ص: 10 ] إلى عملك أنت لم تسامح في عطسة ، تسامح في غيرها؟ وصرفه صرفا جميلا ، وزبر القوم الذين كانوا رفعوا عليه .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب ، قال : أخبرنا علي بن محمد بن إبراهيم الرياحي بواسط ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة ، قال : أخبرني أبو العباس المنصوري ، عن ابن الأعرابي ، قال خاصم أبو دلامة رجلا إلى عافية ، فقال :

                                                                          لقد خاصمتني غواة الرجال وخاصمتهم سنة وافيه     فما أدحض الله لي حجة
                                                                          وما خيب الله لي قافيه     فمن كنت من جوره خائفا
                                                                          فلست أخافك يا عافيه



                                                                          فقال له عافية : لأشكونك إلى أمير المؤمنين . قال لم تشكوني؟ قال : لأنك هجوتني ، قال : والله لئن شكوتني إليه ليعزلنك ، قال : ولم؟ قال : لأنك لا تعرف الهجاء من المديح .

                                                                          روى له النسائي في " اليوم والليلة " حديثا واحدا ، عن سليمان بن علي الهاشمي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يمشي . وامرأة بين يديه . . . الحديث .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية