الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
30 - باب بيع المصراة

11327 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو بكر، وأبو زكريا، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصروا الإبل والغنم، وإن ابتاع بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر" . [ ص: 116 ] أخرجه البخاري، ومسلم في الصحيح، من حديث مالك.

11328 - وأخبرنا أبو عبد الله، وأبو بكر، وأبو زكريا، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر".

11329 - ورواه المزني، عن الشافعي، وفيه من الزيادة: "لا تصروا الإبل والغنم للبيع".

11330 - أخبرناه أبو إسحاق قال: أخبرنا أبو النضر قال: أخبرنا أبو جعفر قال: حدثنا المزني قال: حدثنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان، فذكره.

11331 - قال: وحدثنا مالك، فذكره، وقال في متنه: "فمن ابتاعها بعد ذلك".

11332 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو بكر، وأبو زكريا، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان، ح.

11333 - وأخبرنا أبو عبد الله قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال: حدثنا إبراهيم بن أبي طالب قال: حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان، عن أيوب، عن محمد بن سيرين ، [ ص: 117 ] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اشترى مصراة فهو بخير النظرين، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعا من تمر، لا سمراء". رواه مسلم في الصحيح، عن ابن أبي عمر.

11334 - ورواه عن محمد بن عمرو بن جبلة، عن أبي عامر العقدي، عن قرة، عن محمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن شاء ردها ورد معها صاعا من طعام لا سمراء".

11335 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصبهاني قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا قرة، فذكره.

11336 - قال البخاري: وقال بعضهم، عن ابن سيرين: صاعا من طعام، والتمر أكثر.

11337 - قال أحمد: المراد بالطعام المذكور فيه: التمر فقد رواه أيوب، وهشام، وحبيب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء ردها وصاعا من تمر لا سمراء".

11338 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد، عن جماعتهم . [ ص: 118 ]

11339 - وقال ابن عيينة، عن أيوب: صاعا من تمر لا سمراء.

11340 - وروي عن جميع بن عمير، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه قال: "رد معها مثل، أو قال مثلي لبنها قمحا".

11341 - وهذه الرواية غير قوية.

11342 - أخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود قال: "من ابتاع مصراة فهو بالخيار، إن شاء ردها وصاعا من طعام".

11343 - قال الشافعي: وهكذا نقول، وبهذا مضت السنة، وهم يزعمون أنه إذا أجلها فليس له ردها؛ لأنه قد أخذ منها شيئا.

11344 - قال أحمد: حديث ابن مسعود موقوفا عليه في المصراة حديث صحيح، وهو مخرج في البخاري، وقد رفعه أبو خالد الأحمر، عن سليمان، ورفعه غير محفوظ، وروي عنه: صاعا من تمر.

11345 - أخبرنا أبو عبد الله قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي في مبسوط كلامه: " لبن التصرية مبيع مع الشاة، وكان في ملك البائع، فإذا حلبه ثم أراد ردها بعيب التصرية ردها وصاعا من تمر كثر اللبن أو قل؛ لأن ذلك شيء وقته رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعد أن جمع فيه بين الإبل والغنم، والعلم يحيط أن ألبانها مختلفة، واللبن بعده حادث في ملك المشتري، لم تقع عليه صفقة البيع كما حدث الخراج في ملكه، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه قضى أن الخراج بالضمان" . [ ص: 119 ]

11346 - قال أحمد: زعم بعض من ترك الحديث أن ذلك حين كانت العقوبات في الذنوب يؤخذ بها الأموال، ثم نسخت العقوبات في الأموال بالمعاصي، فصار هذا أيضا منسوخا، وهذا منه توهم، وسعر اللبن في القديم والحديث أرخص من سعر التمر، والتصرية وجدت من البائع لا من المشتري، فلو كان ذلك على وجه العقوبة لأشبه أن يجعله على المشتري بلا شيء أو بما ينقص عن قيمة اللبن بكل حال، لا بما قد يكون قيمته مثل قيمة اللبن أو أكثر بكثير؛ لأنه إنما يلزمه رد ما كان موجودا حال البيع، دون ما حدث بعده، وهلا جعله شبيها بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبد أو أمة حين لم يوقف على حده، فقضى فيه بأمر ينتهى إليه، كذلك لبن التصرية اختلط بالحادث بعده، لا يوقف حده، فقضي فيه بأمر ينتهى إليه، ثم من أخبره بأن قضاء النبي صلى الله عليه وسلم في المصراة كان قبل نسخ العقوبات في الأموال حتى يجعله منسوخا معها، وأبو هريرة من أواخر من صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وحمل خبر التصرية عنه في آخر عمره.

11347 - وعبد الله بن مسعود أفتى به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مخالف له في ذلك من الصحابة، فلو صار إلى قول عبد الله ومعه ما ذكرنا من السنة الثابتة التي لا معارض لها كان أولى به من دعوى النسخ في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالتوهم، وأعجب من هذا أن من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه يحكي ما ذكرنا عن بعض أصحابه، ثم يدعي خبر المصراة بأن المشتري ملك لبنا دينا بصاع تمر دين، فقد حل ذلك محل بيع الدين بالدين، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من بعد عن بيع الدين بالدين.

11348 - وروي حديث موسى بن عبيدة الربذي، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ ". فصار ذلك منسوخا به، وهذا من الضرب الذي تغني حكايته عن جوابه، أي بيع جرى بينهما على اللبن بالتمر حتى يكون ذلك بيع دين بدين، ومن أتلف على غيره شيئا فالمتلف غير حاضر، والذي يلزمه من الضمان غير حاضر، فيجعل دينا بدين حتى لا يوجب [ ص: 120 ] الضمان ويعدل عن إيجاب الضمان إلى حكم آخر، وقد يكون ما حلب من اللبن حاضرا عنده في آنيته، أفيحل ذلك محل الدين بالدين، أو يكون خارجا من حديث موسى بن عبيدة؟ لو كان يصرح بنسخ حديث المصراة لم يكن فيه حجة عند أهل العلم بالحديث، فكيف وليس في حديثه مما توهمه قائل هذا شيء، والله المستعان.

[ ص: 121 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية