467  - أنا  حميد  أنا عثمان بن صالح ،  حدثني الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي ،  حدثني علوان ،  عن  صالح بن كيسان ،  عن  حميد بن عبد الرحمن بن عوف ،  أن أباه  عبد الرحمن بن عوف ،  دخل على  أبي بكر الصديق  رحمة الله عليه ، في مرضه الذي قبض فيه ، فرآه مفيقا ، فقال  عبد الرحمن :  أصبحت ، والحمد لله بارئا ، فقال له  أبو بكر ،   " أتراه ؟ " قال  عبد الرحمن :  نعم ، قال : إني على ذلك لشديد الوجع ، ولما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشد علي من وجعي ؛ لأني وليت أمركم خيركم في نفسي ، وكلكم ورم من ذلك أنفه ، يريد أن يكون الأمر دونه ، ثم رأيتم الدنيا مقبلة ، ولما تقبل وهي مقبلة ، حتى تتخذوا ستور الحرير ونضائد الديباج وتألمون الاضطجاع على الصوف الأذربي كما يألم أحدكم اليوم أن ينام على شوك السعدان ، والله لأن يقدم أحدكم ؛ فتضرب عنقه في غير حد خير له من أن يخوض غمرة الدنيا ، وأنتم أول ضال بالناس غدا ، تصفونهم عن الطريق يمينا وشمالا ، يا هادي الطريق ، إنما هو الفجر أو البحر " ، قال  عبد الرحمن ،  فقلت له  [ ص: 304 ]  : خفض عليك - رحمك الله - فإن هذا يهيضك على ما بك ، إنما الناس في أمرك بين رجلين ، إما رجل رأى ما رأيت فهو معك ، وإما رجل خالفك ، فهو يشير عليك برأيه ، وصاحبك كما تحب ، ولا نعلمك أردت إلا الخير ، وإن كنت لصالحا مصلحا ، فسكت ، ثم قال : مع أنك ، والحمد لله ما تأسى على شيء من الدنيا ، فقال : " أجل إني لا آسى من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني تركتهن ، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددت أني سألت عنهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أما اللاتي وددت أني تركتهن ، فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة  عن شيء ، وإن كانوا قد أغلقوا على الحرب ووددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمي ، ليتني قتلته سريحا ، أو خليته نجيحا ، ولم أحرقه بالنار . ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة ، كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين ،  عمر بن الخطاب  أو  أبي عبيدة بن الجراح ،  فكان أحدهما أميرا ، وكنت أنا وزيرا . 
وأما اللاتي تركتهن ، فوددت أني يوم أتيت بالأشعث بن قيس الكندي  أسيرا ، كنت ضربت عنقه ، فإنه يخيل إلي أنه لن يرى شرا إلا أعان عليه (ووددت) أني حين سيرت  خالد بن الوليد  إلى أهل الردة  [ ص: 305 ] كنت أقمت بذي القصة ،  فإن ظفر المسلمون ، ظفروا ، وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مدد . (ووددت) أني إذ وجهت خالدا  إلى الشام ،  وجهت  عمر بن الخطاب  إلى العراق ،  فكنت قد بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله . 
وأما اللاتي وددت أني كنت سألت عنهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فوددت أني سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن هذا الأمر ، فلا ينازعه أحد ، (ووددت) أني كنت سألته : هل للأنصار في هذا الأمر شيء ؟ ووددت أني كنت سألته عن ميراث ابنة الأخ والعمة ، فإن في نفسي منها شيئا .  
				
						
						
