[ ص: 1251 ]    230 - فصل  
وكذلك قولهم : " ولا نجاوز المسلمين بموتانا "  
يجوز أن يكون بالزاي والراء ، من المجاوزة والمجاورة ، فإن كان بالمهملة فالمعنى اشتراط دفنهم في ناحية من الأرض ،  لا تجاور قبورهم بيوت المسلمين ولا قبورهم ، بل تنفرد عنهم   ؛ لأنها محل العذاب والغضب ، فلا تكون هي ومحل الرحمة في موضع واحد لما يلحق المسلمين بذلك من الضرر .  
وإن كان بالمعجمة فهو من المجاوزة ، وعادة  النصارى   في أمواتهم أنهم يوقدون الشموع ويزفون بها الميت ، ويرفعون أصواتهم بقراءة كتبهم ، وقد منع جماعة من الصحابة أن تتبع جنائزهم بنار خوفا من التشبه بهم .  
وعلى رواية الزاي المعجمة فليس لهم أن يحملوا أمواتهم في أسواق المسلمين ولا في الطرق الواسعة التي يمر بها المسلمون ، وإنما يقصدون المواضع الخالية التي لا يراهم فيها أحد من المسلمين .  
قال  أبو القاسم الطبري     : إن كانت الراية بالزاي فهو صريح في المنع من جواز جنائزهم على المسلمين .  
قال : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث يشبه معنى هذا فيما أخبرنا  محمد بن عبد الرحمن     : حدثنا  أبو بكر بن أبي بكر داود  ، ثنا  أحمد بن صالح  ، حدثنا   ابن أبي فديك  ، حدثنا   ابن أبي ذئب  ، عن   نافع بن مالك  ، عن   سعيد بن المسيب  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "  رب      [ ص: 1252 ] جنازة ملعونة ملعون من شهدها     " .  
قال : فهذه جنائز  أهل الذمة      .  
قال : وإن كان بالراء المهملة فهو أنهم يمنعون من  الدفن في مقابر المسلمين      .  
قال : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : "  أنا بريء من كل مسلم مع مشرك " قيل : لم يا رسول الله ؟ قال : " لا تراءى ناراهما     " قلت : الحديث رواه  أبو داود  في " السنن " .  
				
						
						
