[ ص: 57 ] قوله : ( ولاشيء مثله ) .  
ش : اتفق أهل السنة على أن  الله ليس كمثله شيء ، لا في ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله      . ولكن لفظ التشبيه قد صار في كلام الناس لفظا مجملا يراد به المعنى الصحيح ، وهو ما نفاه القرآن ودل عليه العقل ، من أن خصائص الرب تعالى لا يوصف بها شيء من المخلوقات ، ولا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته :  ليس كمثله شيء      ( الشورى : 11 ) ، رد على الممثلة المشبهة  وهو السميع البصير   ، رد على النفاة المعطلة ، فمن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق ، فهو المشبه المبطل المذموم ، ومن جعل صفات المخلوق مثل صفات الخالق ، فهو نظير  النصارى   في كفرهم .  
ويراد به أنه لا يثبت لله شيء من الصفات ، فلا يقال : له قدرة ، ولا علم ، ولا حياة ، لأن العبد موصوف بهذه الصفات ! ولازم هذا القول أنه لا يقال له : حي ، عليم ، قدير ، لأن العبد يسمى بهذه الأسماء ، وكذلك كلامه وسمعه وبصره وإرادته وغير ذلك . وهم يوافقون أهل السنة على أنه موجود ، عليم قدير ، حي . والمخلوق يقال له : موجود حي عليم قدير ، ولا يقال : هذا تشبيه يجب نفيه ، وهذا مما دل عليه الكتاب والسنة وصريح العقل ، ولا يخالف فيه      [ ص: 58 ] عاقل ، فإن الله سمى نفسه بأسماء ، وسمى بعض عباده بها ، وكذلك سمى صفاته بأسماء ، وسمى ببعضها صفات خلقه ، وليس المسمى كالمسمي فسمى نفسه : حيا ، عليما ، قديرا ، رؤوفا ، رحيما ، عزيزا ، حكيما ، سميعا ، بصيرا ، ملكا ، مؤمنا ، جبارا ، متكبرا . وقد سمى بعض عباده بهذه الأسماء فقال :  يخرج الحي من الميت      ( الأنعام : 95 ، والروم : 19 ) .  وبشروه بغلام عليم      ( الذاريات : 28 ) .  فبشرناه بغلام حليم      ( الصافات : 101 )  بالمؤمنين رءوف رحيم      ( التوبة : 128 ) .  فجعلناه سميعا بصيرا      ( الدهر : 2 ) .  قالت امرأة العزيز      ( يوسف : 51 ) .  وكان وراءهم ملك      ( الكهف : 79 ) .  أفمن كان مؤمنا      ( السجدة : 18 ) .  كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار      ( المؤمن : 35 ) . ومعلوم أنه لا يماثل الحي الحي ، ولا العليم العليم ، ولا العزيز العزيز ، وكذلك سائر الأسماء .  
وقال تعالى :  ولا يحيطون بشيء من علمه      ( البقرة : 255 ) .  أنزله بعلمه      ( النساء : 166 ) .  وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه      ( فاطر : 11 ) .  إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين      ( الذاريات : 58 ) .  أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة      ( السجدة : 15 ) .  
وعن  جابر  رضي الله عنه قال :  كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن      [ ص: 59 ] هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ، ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني ، واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم رضني به . قال : ويسمي حاجته  ، رواه   البخاري     .  
وفي حديث   عمار بن ياسر  الذي رواه   النسائي  وغيره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يدعو بهذا الدعاء :  اللهم بعلمك الغيب      [ ص: 60 ] وقدرتك على الخلق ، أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا ، وأسألك القصد في الغنى والفقر ، وأسألك نعيما لا ينفد ، وقرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضا بعد القضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت ، وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم ، والشوق إلى لقائك ، في غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					