الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 107 ] 116 - حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب ، قال : اشترى أبو بكر من أبي رحلا بثلاثة عشر درهما ، فقال : مر البراء يحمله إلى رحلي ، فقال : لا ، حتى تخبرني كيف خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، فقال : ارتحلنا فاحتبسنا يومنا وليلتنا حتى قام ظهرا - أو قال : قام قائم الظهيرة - فرميت ببصري فإذا أنا بصخرة لها بقية من ظل فرششته ، وفرشت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فروة ، فقلت : نم يا رسول الله ، ثم انطلقت أنفض ما حولي ، هل أرى من الطلب أحدا ؟ فإذا أنا براعي غنم يريد من الصخرة مثل ما أردت ، فقلت : من أنت يا غلام ؟ قال : لرجل من قريش ، فعرفته ، فقلت : هل في غنمك من لبن ؟ قال : نعم ، قلت : هل أنت حالبنا ؟ قال : نعم ، فأمرته فاعتقل شاة من الغنم ، فأمرته فنفض ضرعها ، ثم أمرته فنفض كفيه من الغبار ، فحلب لي كثبة من لبن ومعي إداوة على فمها خرقة ، فصببت الماء على اللبن ، ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوافقته قد استيقظ ، قلت : اشرب يا رسول الله ، وارتحلنا ، فلم يلحقنا من الطلب أحد غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له ، فقلت : هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله ، قال : لا تحزن إن الله معنا ، فلما دنا دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فساخ فرسه في الأرض إلى بطنه ، ووثب عنه ، وقال : يا محمد ، قد علمت أن هذا عملك ، فادع الله أن يخلصني مما [ ص: 108 ] أنا فيه ، ولك علي لأعمين على من ورائي ، وهذه كنانتي فخذ سهما منها ، فإنك ستمر على إبلي وغلماني بمكان كذا وكذا ، فخذ منها حاجتك ، فقال : لا حاجة لي في إبلك ، فقدمنا إلى المدينة ليلا ، فتنازعوا أيهم ينزل عليهم ، فقال : أنزل على بني النجار أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك ، فصعد الرجال والنساء فوق البيوت ، وتفرق الغلمان والخدم في الطرق ينادون : يا محمد ، يا رسول الله ، يا محمد ، يا رسول الله   .

التالي السابق


الخدمات العلمية