[ ص: 93 ] حديث حليمة بنت الحارث أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
1 - ( 7163 ) - حدثنا ، مسروق بن المرزبان الكوفي ، ونسخته من حديث والحسن بن حماد ، حدثنا مسروق ، حدثنا يحيى بن زكريا بن زائدة ، عن محمد بن إسحاق جهم بن أبي جهم ، عن ، عن عبد الله بن جعفر حليمة بنت الحارث أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السعدية التي أرضعته ، قالت : بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء بمكة على أتان لي قمراء قد أذمت ، فزاحمت بالركب ، قالت : وخرجنا في سنة شهباء لم تبق شيئا ، ومعي زوجي الحارث بن عبد العزى ، قالت : ومعنا شارف لنا ، والله إن تبض علينا بقطرة من [ ص: 94 ] لبن ، ومعي صبي لي إن ننام ليلتنا مع بكائه ، ما في ثديي ما يغنيه ، وما في شارفنا من لبن نغذوه إلا أنا نرجو ، فلما قدمنا مكة ، لم تبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتأباه ، وإنما كنا نرجو كرامة رضاعة من والد المولود - وكان يتيما - فكنا نقول : ما عسى أن تصنع أمه ؟ حتى لم يبق من صواحبي امرأة إلا أخذت صبيا غيري ، وكرهت أن أرجع ولم آخذ شيئا ، وقد أخذ صواحبي ، فقلت لزوجي : والله لأرجعن إلى ذلك فلآخذنه .
قالت : فأتيته ، فأخذته ، فرجعته إلى رحلي ، فقال زوجي : قد أخذته ؟ فقلت : نعم ، والله ذاك أني لم أجد غيره .
فقال : قد أصبت ، فعسى الله أن يجعل فيه خيرا ، قالت : فوالله ما هو إلا أن جعلته في حجري ، قالت : فأقبل عليه ثديي بما شاء من اللبن ، قالت : فشرب حتى روي ، وشرب أخوه - تعني : ابنها - حتى روي ، وقام زوجي إلى شارفنا من الليل ، فإذا بها حافل ، فحلب لنا ما شئنا ، فشرب حتى روي .
[ ص: 95 ] قالت : وشربت حتى رويت . فبتنا ليلتنا تلك بخير شباعا رواء ، وقد نام صبياننا ، قالت : يقول أبوه - تعني زوجها - : والله يا حليمة ، ما أراك إلا قد أصبت نسمة مباركة ، قد نام صبينا وروي .
قالت : ثم خرجنا ، فوالله لخرجت أتاني أمام الركب قد قطعتهن حتى ما يبلغونها ، حتى إنهم ليقولون : ويحك يا بنت الحارث ، كفي علينا ، أليست هذه بأتانك التي خرجت عليها ؟ فأقول : بلى والله ، وهي قدامنا ، حتى قدمنا منازلنا من حاضر بني سعد بن بكر ، فقدمنا على أجدب أرض الله ، فوالذي نفس حليمة بيده ، إن كانوا ليسرحون أغنامهم إذا أصبحوا ، ويسرح راعي غنمي ، فتروح غنمي بطانا لبنا حفلا ، وتروح أغنامهم جياعا هالكة ، ما بها من لبن ، قالت : فنشرب ما شئنا من لبن ، وما من الحاضر أحد يحلب قطرة ، ولا يجدها .
يقولون لرعاتهم : ويلكم ، ألا تسرحون حيث يسرح راعي حليمة ؟ فيسرحون في الشعب الذي يسرح فيه راعينا ، فتروح أغنامهم جياعا ما لها من لبن ، وتروح غنمي لبنا حفلا .
[ ص: 96 ] قالت : وكان - صلى الله عليه وسلم - يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر ، ويشب في الشهر شباب الصبي في سنة ، فبلغ ستا وهو غلام جفر .
قالت : فقدمنا على أمه ، فقلنا لها ، وقال لها أبوه : ردوا علينا ابني ، فلنرجع به ، فإنا نخشى عليه وباء مكة ، قالت : ونحن أضن بشأنه لما رأينا من بركته ، قالت : فلم يزل بها حتى قالت : ارجعا به ، فرجعنا به ، فمكث عندنا شهرين ، قالت : فبينا هو يلعب وأخوه يوما خلف البيوت يرعيان بهما لنا ، إذ جاءنا أخوه يشتد ، فقال لي ولأبيه : أدركا أخي القرشي ، قد جاءه رجلان فأضجعاه ، فشقا بطنه ، فخرجنا نحوه نشتد ، فانتهينا إليه وهو قائم منتقع لونه ، فاعتنقه أبوه واعتنقته ، ثم قلنا : ما لك أي بني ؟ قال : أتاني رجلان عليهما ثياب بيض [ ص: 97 ] فأضجعاني ، ثم شقا بطني ، فوالله ما أدري ما صنعا ، قالت : فاحتملناه فرجعنا به ، قالت : يقول أبوه : والله يا حليمة ما أرى هذا الغلام إلا قد أصيب ، فانطلقي فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف عليه ، قالت : فرجعنا به إليها ، فقالت : ما ردكما به ؟ وقد كنتما حريصين عليه ، قالت : فقلت : لا والله إلا أنا كفلناه وأدينا الحق الذي يجب علينا فيه ، ثم تخوفت الأحداث عليه ، فقلنا : يكون في أهله ، قالت : فقالت آمنة : والله ما ذاك بكما ، فأخبراني خبركما وخبره ، فوالله ما زالت بنا حتى أخبرناها خبره ، قالت : فتخوفتما عليه ؟ كلا والله ، إن لابني هذا شأنا ، ألا أخبركما عنه ؟ إني حملت به فلم أحمل حملا قط كان أخف ، ولا أعظم بركة منه ، ثم رأيت نورا كأنه شهاب خرج مني حين وضعته أضاءت لي أعناق الإبل ببصرى ، ثم وضعته فما وقع كما يقع الصبيان : وقع واضعا يده بالأرض ، رافعا رأسه إلى السماء ، دعاه والحقا بشأنكما خرجت في نسوة من .