الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 170 ] رسول قيصر

1 - ( 1597 ) - حدثنا حوثرة بن أشرس ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن أبي راشد ، قال : كان رسول قيصر جارا لي زمن يزيد بن معاوية ، فقلت له : [ ص: 171 ] أخبرني عن كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل دحية الكلبي إلى قيصر ، وكتب معه إليه كتابا يخيره بين إحدى ثلاث : إما أن يسلم وله ما في يديه من ملكه ، وإما أن يؤدي الخراج ، وإما أن يأذن بحرب .

قال : فجمع قيصر بطارقته وقسيسيه في قصره ، وأغلق عليهم الباب ، وقال : إن محمدا كتب إلي يخيرني بين إحدى ثلاث : إما أن أسلم ولي ما في يدي من ملكي ، وإما أن أؤدي الخراج ، وإما أن آذن بحرب ، وقد تجدون فيما تقرءون من كتبكم أنه سيملك ما تحت قدمي من ملكي ، فنخروا نخرة حتى إن بعضهم خرجوا من برانسهم ، وقالوا : ترسل إلى رجل من العرب ، جاء في برديه ونعليه بالخراج ؟ فقال : اسكتوا إنما أردت أن أعلم تمسككم بدينكم ورغبتكم فيه ، ثم قال : ابتغوا لي رجلا من العرب ، فجاءوا بي ، فكتب معي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كتابا ، وقال لي : انظر ما سقط عنك من قوله ، فلا يسقط عند ذكر الليل والنهار ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مع أصحابه ، وهم محتبون بحمائل سيوفهم حول بئر تبوك ، فقلت : أيكم محمد ؟ فأومأ بيده إلى نفسه ، فدفعت إليه الكتاب ، فدفعه إلى رجل إلى جنبه ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا : معاوية بن أبي سفيان ، فقرأه فإذا فيه : كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض ، فأين النار إذا ؟ [ ص: 172 ] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا سبحان الله ، إذا جاء الليل فأين النهار ؟ فكتبته عندي ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنك رسول قوم ، فإن لك حقا ، ولكن جئتنا ونحن مرملون ، قال عثمان : أكسوه حلة صفورية ، فقال رجل من الأنصار : علي ضيافته .

وقال لي قيصر فيما قال : انظر إلى ظهره ، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أريد النظر إلى ظهره ، فألقى ثوبه عن ظهره ، فنظرت إلى الخاتم في نغص الكتف ، فأقبلت عليه أقبله ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني كتبت إلى النجاشي فأحرق كتابي ، والله محرقه ، وكتبت إلى كسرى عظيم فارس ، فمزق كتابي ، والله ممزقه ، وكتبت إلى قيصر فرفع كتابي ، فلا يزال الناس - ذكر كلمة - ما كان في العيش خير
 
.

التالي السابق


الخدمات العلمية