قال معمر : فأخبرني الجزري ، عن مقسم ، قال : فأخذ العباس ابنا له يقال له : قثم ، وكان شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستلقى ، فوضعه على صدره ، وهو يقول :
حبي قثم شبيه ذي الأنف الأشم بادي النعم
برغم أنف من رغم
قال : فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي ومتاع فجمعته فدفعته إليه ، ثم استمر به ، فلما كان بعد ثلاث ، أتى العباس امرأة الحجاج ، فقال : ما فعل زوجك ؟ فأخبرته أنه قد ذهب ، وقالت : لا يحزنك الله يا أبا الفضل ، لقد شق علينا الذي بلغك ، قال : أجل ، لا يحزنني الله ، ولم يكن بحمد [ ص: 197 ] الله إلا ما أحببناه ، قد أخبرني الحجاج أن الله فتح خيبر على رسوله ، وجرت فيها سهام الله ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ، فإن كان لك حاجة في زوجك فالحقي به ، قالت : أظنك والله صادقا ، قال : فإني صادق ، والأمر على ما أخبرتك . صفية
قال : ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش ، وهم يقولون : لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل ، قال : لم يصبني إلا خير بحمد الله ، قد أخبرني الحجاج أن خيبر فتحها الله على رسوله ، وجرت فيها سهام الله ، واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ، وقد سألني أن أخفي عنه ثلاثا ، وإنما جاء ليأخذ ما كان له ثم يذهب . صفية
قال : فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين ، وخرج من المسلمين من كان دخل بيته مكتئبا حتى أتوا العباس ، ورد الله ما كان من كآبة أو غيظ أو خزي على المشركين لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم .