الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 303 ] 96 - ( 7316 ) - وعن أبي موسى قال : بلغنا مخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن باليمن ، فخرجنا مهاجرين إليه ، وأخوان لي أنا أصغرهما : أحدهما أبو بردة ، والآخر أبو رهم - إما قال : بضع ، وإما قال : في ثلاثة أو اثنين وخمسين رجلا من قومي ، فركبنا سفينة ، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة ، فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده .

قال جعفر : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثنا وأمرنا بالإقامة ، فأقيموا معنا ، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا قال : فوافقنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فتح خيبر ، فأسهم لنا - أو قال : فأعطانا منها ، وما قسم لأحد غاب عن فتح - يعني : خيبر - شيئا إلا لمن شهد معه إلا أصحاب سفينتنا مع [ ص: 304 ] جعفر وأصحابه ، قسم لهم معهم .

قال : فكان ناس من الناس يقولون لنا - يعني أهل السفينة - : سبقناكم بالهجرة . قال : فدخلت أسماء بنت عميس - وهي ممن قدم معنا - على حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زائرة ، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر إليه ، فدخل عمر على حفصة - وأسماء عندها - فقال عمر حين رأى أسماء : من هذه ؟ قالت : أسماء بنت عميس ، قال عمر : الحبشية هذه ؟ البحرية هذه ؟ فقالت أسماء : نعم ، قال عمر : سبقناكم بالهجرة ، نحن .

أحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فغضبت ، وقالت كلمة : يا عمر ، كلا والله ، كنتم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطعم جائعكم ، ويعظ جاهلكم ، وكنا في دار - أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة ، وذلك في الله وفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وايم الله لا أطعم طعاما ، ولا أشرب شرابا حتى أذكر ما قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن كنا نؤذى ونخاف ، وسأذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأسأله ، والله لا أكذب ، ولا أزيغ ولا أزيد على ذلك ، فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : يا نبي الله ، إن عمر قال : [ ص: 305 ] كذا وكذا ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فما قلت له ؟ قالت : قلت كذا وكذا ، قال : ليس بأحق بي منكم ، وله ولأصحابه هجرة واحدة ، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان ، قالت : فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونني أرسالا يسألونني عن هذا الحديث ، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بردة : قالت أسماء : فلقد رأيت أبا موسى ، وإنه ليستعيد هذا الحديث مني
 
.

97 - ( 7317 ) - وحدثنا مرة أخرى ، وقال : لكم الهجرة مرتين : هاجرتم إلى النجاشي وهاجرتم إلي   .

التالي السابق


الخدمات العلمية