الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله في: [17] باب من أنظر [موسرا] .

                                                                                                                                                                                          عقب حديث [2077] زهير ، عن منصور ، عن ربعي ، عن حذيفة قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: "تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم [فقالوا] : أعملت من الخير شيئا، قال: كنت آمر فتياني أن ينظروا المعسر، ويتجاوزوا عن الموسر، قال، قال: فتجاوزوا عنه".  

                                                                                                                                                                                          وقال أبو مالك ، عن ربعي ، وقال أبو عوانة ، عن عبد الملك ، عن ربعي "أنظر الموسر، وأتجاوز عن المعسر" وقال نعيم بن أبي هند ، عن ربعي "فأقبل من الموسر، وأتجاوز عن المعسر".

                                                                                                                                                                                          أما حديث أبي مالك ، فأخبرنا به الحافظ أبو الفضل بن الحسين ، بقراءتي عليه، أخبركم عبد الله بن محمد ، أن علي بن أحمد [السعدي] ، أخبره عن المؤيد ابن عبد الرحيم ، وغيره، أن سعيد بن أبي الرجاء ، أخبره: أنا أحمد بن محمد بن النعمان ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، ثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي ، ثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، ثنا مروان بن معاوية ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي ، عن حذيفة ، رفعه، قال: يؤتى الله بعبد من عباده، فيقول له: ماذا عملت لي؟ فيقول: ما عملت لك شيئا أرجو به كبيرا من صلاة، ولا صوم، إنك كنت أعطيتني فضلا من مال، فكنت أخالط الناس، فأيسر على الموسر، وأنظر المعسر،  قال: فقال الله، عز وجل: "فنحن أحق بذلك منك، تجاوزوا عن عبدي" قال: فيغفر له.

                                                                                                                                                                                          قال أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري: هكذا سمعناه من رسول الله، صلى الله عليه وسلم. تابعه يزيد بن هارون ، عن أبي مالك. ورواه أبو خالد الأحمر ، عن أبي مالك ، [ ص: 217 ] فقال في روايته: فقال عقبة بن عامر الجهني ، وأبو مسعود الأنصاري ، هكذا سمعناه من رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                          رواه مسلم في صحيحه: عن أبي سعيد الأشج ، عن أبي خالد ، وزعم خلف ، وتبعه المزي أن الأشج وهم في قوله عقبة بن عامر ، قال خلف: والحديث إنما يحفظ من حديث عقبة بن عمرو أبي مسعود.

                                                                                                                                                                                          قلت: قد تابع الأشج على هذا، عن أبي خالد الإمام الكبير إسحاق بن راهويه ، كما، أخبرني أبو الفرج بن الغزي ، عن علي بن إسماعيل ، سماعا، أنا أبو الفرج بن الصيقل ، أنا مسعود بن أبي منصور ، في كتابه، أن الحسن بن أحمد [الحداد] ، أخبره: أنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا أبو أحمد، يعني ابن الغطريف ، ثنا ابن شيرويه ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، أنا أبو خالد الأحمر ، ثنا سعد بن طارق، هو أبو مالك الأشجعي به. ثم وجدت الدارقطني قد صرح بأن الوهم فيه من أبي خالد ، فهو أشبه، والله أعلم.

                                                                                                                                                                                          وأما حديث شعبة ، فأسنده المؤلف في الاستقراض، عن مسلم بن إبراهيم ، عنه. ولفظه "فأتجوز عن الموسر، وأخفف عن المعسر".

                                                                                                                                                                                          وقال ابن ماجه: حدثنا محمد بن بشار ، ثنا أبو عامر ، ثنا شعبة ، عن عبد الملك ابن عمير ، سمعت ربعي بن حراش ، يحدث عن حذيفة ، عن النبي، صلى الله عليه وسلم "إن رجلا مات فقيل له: ما عملت؟ فإما ذكر، أو ذكر، قال: إني كنت أتجوز في السكة والنقد، وأنظر المعسر، فغفر الله له".  

                                                                                                                                                                                          [ ص: 218 ] وأما حديث أبي عوانة ، فأسنده المؤلف في ذكر بني إسرائيل، عن موسى بن إسماعيل ، عنه، به.

                                                                                                                                                                                          وأما حديث نعيم بن أبي هند ، فقرأته على أبي الفرج بن الغزي ، بالسند المذكور آنفا، إلى إسحاق بن إبراهيم ، ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن نعيم بن أبي هند ، قال: اجتمع حذيفة ، وأبو مسعود ، فقال حذيفة: رجل لقي ربه، فقال: ما عملته؟ فقال: ما عملت من شيء، غير أني كنت ذا مال، فكنت أطالب به الناس، فكنت أقبل من الموسر، وأتجاوز عن المعسر، فقال: "تجاوزوا عن عبدي". فقال أبو مسعود: هكذا سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                          رواه مسلم ، عن إسحاق ، عن جرير ، فوافقناه بعلو.

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية