الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله: [84] باب تفسير العرايا.  

                                                                                                                                                                                          وقال مالك: العرية أن يعري الرجل الرجل النخلة، ثم يتأذى بدخوله عليه، فرخص له أن يشتريها منه بتمر.

                                                                                                                                                                                          وقال ابن إدريس: العرية لا تكون إلا بالكيل من التمر يدا بيد [و] لا تكون بالجزاف، ومما يقويه قول سهل بن أبي حثمة: بالأوسق الموسقة. وقال ابن إسحاق في حديثه، عن نافع ، عن ابن عمر [رضي الله عنهما] : كانت العرايا أن يعري الرجل الرجل من ماله النخلة والنخلتين.

                                                                                                                                                                                          وقال يزيد ، عن سفيان بن حسين: العرايا: النخل كانت توهب للمساكين فلا يستطيعون أن ينتظروا بها فرخص لهم [ ص: 258 ] أن يبيعوها بما شاءوا من التمر.

                                                                                                                                                                                          أما قول مالك؛ فقال أبو عوانة في صحيحه: حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، ثنا ابن وهب ، عن مالك ، فذكر معناه. ذكره عقب حديث مالك، عن داود بن الحصين ، عن أبي سفيان ، عن أبي هريرة في العرايا.

                                                                                                                                                                                          ورواه ابن عبد البر في التمهيد من حديث ابن وهب ، باللفظ الذي علقه البخاري.

                                                                                                                                                                                          وأما حديث سهل بن أبي حثمة ، فأسنده المؤلف في الشرب، وغيره وليس فيه هذه الزيادة، نعم رواه الطبري من طريق الليث ، عن جعفر بن ربيعة ، عن الأعرج ، عن سهل: "لا يباع التمر في رؤوس النخل بالأوساق الموسقة إلا أوسق ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة يأكلها الناس".  

                                                                                                                                                                                          وأما قول ابن إدريس -وهو الشافعي فيما جزم به المزي في التهذيب- فقال البيهقي في كتاب معرفة السنن والآثار: حدثنا أبو عبد الله يعني الحاكم ، ثنا الأصم ، أنا الربيع بن سليمان ، أنا الشافعي ، قال: والعرايا أن يشتري الرجل تمر النخلة وأكثر بخرصه من التمر بخرص الرطب، ثم يقدر كم ينقص إذا يبس، ثم يشتري بخرصه تمرا، فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع.

                                                                                                                                                                                          [ ص: 259 ] هكذا ساقه البيهقي ، وكذا هو في الأم للشافعي ، وفي سياقه مخالفة للفظ الذي علقه البخاري.

                                                                                                                                                                                          وقد جزم السبكي في شرح المهذب أن ابن إدريس هو عبد الله بن إدريس الأودي ، قال: وفي ذهني أن بعضهم قال: إنه الشافعي ، ولا يحضرني ذكره الآن كذا قال. وقد تردد فيه ابن بطال ، وغيره.

                                                                                                                                                                                          أما حديث ابن إسحاق ، فقال أبو عوانة في صحيحه: حدثنا أبو داود ، ثنا هناد ، ثنا عبدة ، عن ابن إسحاق ، قال: العرايا أن يهب الرجل الرجل النخلات، فيشق عليه، فيبيعها قبل خرصها.

                                                                                                                                                                                          وهكذا رواه أبو داود في سننه.

                                                                                                                                                                                          ورواية ابن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر في العرايا وصلها الترمذي ولم يرفعها.

                                                                                                                                                                                          وأما قول سفيان بن حسين ، فرواه الذهلي في حديث الزهري ، عن يزيد بن هارون ، عن سفيان بن حسين ، به في حديث زيد بن ثابت.

                                                                                                                                                                                          ورواه الإمام أحمد: ، عن محمد بن يزيد الواسطي ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه، عن زيد بن ثابت "أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رخص في بيع العرايا"،  قال سفيان بن حسين: والعرايا فذكره.

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية