الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله: [15] باب: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ما سأل هوازن النبي، صلى الله عليه وسلم، برضاعة فيهم، فتحلل من المسلمين، وما كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يعد الناس أن يعطيهم من الفيء، والأنفال من الخمس، وما أعطى الأنصار، وما [ ص: 473 ] أعطى جابر بن عبد الله من تمر خيبر. انتهى.

                                                                                                                                                                                          أما قصة هوازن، فأسندها المؤلف في الباب، وغيره من حديث المسور ، لكن ليس فيها تعرض لذكر الرضاع، وذلك مذكور في الحديث الذي رواه ابن إسحاق في المغازي ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده بطوله، وهو مذكور أيضا في حديث زهير بن صرد الجشمي.

                                                                                                                                                                                          فأما حديث ابن إسحاق ، فقرأت على أم الحسن التنوخية، بدمشق، عن سليمان بن حمزة ، أن الحافظ الضياء المقدسي ، أخبرهم: أنا أبو جعفر الصيدلاني ، أن فاطمة الجوزدانية، أخبرتهم: أنا محمد بن عبد الله [بن ريذة] ، ثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو شعيب الحراني ، ثنا أبو جعفر النفيلي ، ثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن وفد هوازن لما أتوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالجعرانة، وقد أسلموا قالوا: إنا أصل، وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لا يخفى عليك، فامنن علينا من الله عليك، وقام رجل من هوازن، ثم أحد بني سعد بن بكر يقال له: زهير، ويكنى بأبي صرد، فقال: يا رسول الله، نساؤنا عماتك، وخالاتك، وحواضنك اللائي كفلنك، ولو أنا ملحنا للحارث بن أبي شمر، والنعمان بن المنذر، ثم نزل بنا منه الذي أنزلت بنا لرجونا عطفه، وعائدته علينا، وأنت خير المكفولين،  ثم أنشد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قاله، وذكر فيه قرابتهم، وما كفلوا منه، فقال:

                                                                                                                                                                                          امنن علينا رسول الله في كرم فإنك المرء نرجوه وندخر [ ص: 474 ]     امنن على بيضة قد عافها قذر
                                                                                                                                                                                          مفرق شملها في دهرها غير     أبقت لنا الحرب هتافا على حزن
                                                                                                                                                                                          على قلوبهم العماد والعمر     إن لم تداركهم نعماء تنشرها
                                                                                                                                                                                          يا أعظم الناس حلما حين تختبر     امنن على نسوة قد كنت ترضعها
                                                                                                                                                                                          إذ فوك يملؤه من مخضها الدرر     إذ كنت طفلا صغيرا كنت ترضعها
                                                                                                                                                                                          وإذ يزينك ما تأتي وما تذر     لا تجعلنا كمن سالت نعامته
                                                                                                                                                                                          واستبق منا فإنا معشر زهر

                                                                                                                                                                                          فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: آباؤكم، ونساؤكم أحب إليكم، أو أموالكم؟ قالوا: يا رسول الله، خيرتنا بين أموالنا، ونسائنا، بل ترد علينا أبناءنا، ونساءنا، فقال: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب، فهو لكم، فإذا صليت الظهر بالناس، فقوموا، فقولوا: إنا نستشفع برسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى المسلمين، وبالمسلمين إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في أبنائنا، ونسائنا، فسأعطيكم عند ذلك، وأسأل لكم، فلما صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالناس الظهر، قاموا، فكلموه بما أمرهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب، فهو لكم، وقال المهاجرون: وما كان لنا، فهو لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقالت الأنصار مثل ذلك، وقال الأقرع بن حابس: أما أنا يا رسول الله، وبنو تميم، فلا، وقال عيينة مثل ذلك، وقال عباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم، فلا، فقالت بنو سليم: أما ما كان لنا، فهو لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: يقول العباس لبني سليم: وهنتموني، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أما من تمسك بحقه من هذا السبي، فله ست قلائص من أول فيء نصيبه، فردوا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبناءهم، ونساءهم.


                                                                                                                                                                                          ورواه البخاري في تاريخه، عن يوسف بن بهلول ، عن ابن إدريس ، عن ابن إسحاق به.

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية