الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3072 - حدثنا موسى بن عيسى بن المنذر، وأبو زرعة الدمشقي، قالا: ثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، أخبرني سعيد بن المسيب، وعطاء بن يزيد الليثي، أن أبا هريرة، أخبرهما أن الناس قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 187 ] : "هل تمارون في القمر ليلة البدر وليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: "فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟" قالوا: لا يا رسول الله، قال: "فإنكم ترونه كذلك، يحشر الناس يوم القيامة،  فيقال: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا تعالى عرفناه، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا فيدعوهم، ويضرب الصراط بين ظهري جهنم، فأكون أول من يجيز من الرسل بأمتي، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوة الرسل يومئذ؛ اللهم سلم سلم، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟ قالوا: نعم، يا رسول الله، قال: "فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم عظمها إلا الله عز وجل، يخطف الناس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل، ثم ينجو، حتى إذا أراد الله تعالى برحمته من أراد من أهل النار أمر الله عز وجل الملائكة فيخرجون من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بأثر السجود، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، وكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود، فيخرجون من النار وقد امتحشوا، فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم يفرغ الله من القضاء بين الناس، ويبقى رجل بين الجنة والنار، وهو آخر أهل الجنة دخولا إلى الجنة مقبل بوجهه على النار، فيقول: يا رب اصرف وجهي عن النار، فإنه قد قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها، فيقول الله: فهل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأله غير ذلك؟ فيقول: لا وعزتك، فيعطي ربه عز وجل ما شاء من عهد [ ص: 188 ] وميثاق، فيصرف الله وجهه عن النار، وإذا أقبل على الجنة فرأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: يا رب، قدمني إلى باب الجنة، فيقول الله: ألست قد أعطيت العهود والمواثيق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت؟ فيقول: يا رب، لا أكون أشقى خلقك، فيقول: هل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك، لا أسأل غير ذلك، فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق، فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها انفهقت له ورأى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور، فسكت ما شاء الله أن يسكت، ثم قال: يا رب، أدخلني الجنة، فيقول الله عز وجل: ابن آدم، ما أغدرك أولست قد أعطيت العهود والمواثيق أن لا تسأل غير الذي أعطيت، فيقول: يا رب، لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك الله منه، ثم يأذن له في دخول الجنة، ثم يقول له: تمن، فيتمنى حتى إذا انقطع به، قال الله عز وجل: من كذا وكذا، فيسأل، فيذكره ربه حتى إذا انتهت به الأماني قال الله عز وجل: لك ذلك ومثله معه " قال: فقال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لك ذلك وعشرة أمثاله" فقال أبو هريرة: لم أحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قوله: "ذلك ومثله معه" فقال أبو سعيد: أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ذلك وعشرة أمثاله".

التالي السابق


الخدمات العلمية