3105 - حدثنا ثنا أبو زرعة، أخبرنا أبو اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، أخبرني الزهري، أن عروة بن الزبير، أخبره، أسامة بن زيد، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر ابن أبي وجهه بردائه، وقال: لا تغبروا علينا، فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وقف فنزل، فدعاهم إلى الله عز وجل، وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا، فلا تؤذنا به في مجالسنا، وارجع إلى رحلك، فمن جاءك فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: فاغشنا به في مجالسنا، فإنا نحب ذلك، فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتناورون، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخففهم حتى سكتوا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب؟ - يريد عبد الله بن أبي - قال كذا وكذا" فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله، اعف عنه واصفح، فوالذي نزل الكتاب، لقد جاءك الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه، فعصبوه بالعصابة، فلما [ ص: 203 ] رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله عز وجل، ويصبرون على الأذى، قال الله عز وجل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على إكاف على قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج، وذلك قبل وقعة بدر، فسار حتى مر بمجلس فيهم عبد الله بن أبي ابن سلول، وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المسلمين عبد الله بن رواحة، ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور وقال الله عز وجل: ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناول في العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وقتل الله به من قتل من صناديد كفار قريش، قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من المشركين من عبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه، فبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأسلموا.