الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون  ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون  أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون  وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون  أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وإذا مس الناس يعني: كفار مكة ، "ضر" وقحط وسنة، دعوا ربهم منيبين إليه أي: لا يلتجئون في شدائدهم إلى أوثانهم التي يعبدونها مع الله، إنما يرجعون في دعائهم إلى الله وحده،ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا أعطاهم من عنده المطر، إذا فريق منهم بربهم يشركون تركوا توحيد ربهم في الرخاء وقد وحدوه في الضر.

                                                                                                                                                                                                                                      ليكفروا بما آتيناهم ذكرنا تفسيره في آخر سورة العنكبوت، ثم خاطب هؤلاء الذين فعلوا هذا خطاب تهديد بقوله: فتمتعوا فسوف تعلمون حالكم في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      أم أنزلنا عليهم على هؤلاء "سلطانا" حجة وكتابا من السماء، فهو يتكلم بما كانوا به يشركون يقولون من الشرك، يعني يأمرهم به، وهذا استفهام إنكار، أي ليس الأمر على هذا، ثم ذكر بطرهم عند النعمة، ويأسهم عند الشدة بقوله: وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها يعني: فرح البطر وترك الشكر، وإن تصبهم سيئة شدة وبلاء، بما قدمت أيديهم بما عملوا من السيئات، إذا هم يقنطون قنطوا من رحمة الله، وهذا خلاف وصف المؤمن، فإنه يشكر عند النعمة، ويرجو ربه عند الشدة، ثم وعظهم، فقال: أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون والآية ظاهرة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية