قوله: قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير
قل لكفار مكة ، ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة، من دون الله قال : يقول: ادعوهم ليكشفوا عنكم الضر الذي نزل بكم في سني الجوع، ثم أخبر عنهم، فقال: مقاتل لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض أي: من خير وشر، ونفع وضر.
وما لهم فيهما من شرك لم يشاركونا في شيء من خلقهما، وما لهم وما لله، منهم من الآلهة، من ظهير من معين على شيء.
قوله: ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له أي: لا تنفع شفاعة ملك مقرب ولا نبي مرسل حتى يؤذن له في الشفاعة، وقرئ بضم الهمزة وفتحها، فمن فتح كان المعنى: إلا لمن [ ص: 494 ] أذن الله له في الشفاعة، يعني الشافع، ويجوز أن يكون المعنى: إلا لمن أذن الله في أن يشفع له، ومن ضم الهمزة كان المعنى كقول من فتح، والآذن هو الله تعالى في القراءتين، كقوله: وهل يجازى إلا الكفور والمجازي هو الله تعالى في الوجهين، قال : يريد ابن عباس كقوله: لا تشفع الملائكة إلا لمن وحد الله، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ، ثم أخبر عن خوف الملائكة، فقال: حتى إذا فزع عن قلوبهم أي: كشف الفزع عن قلوبهم وقرئ فزع كشف الله الفزع عن قلوبهم، ومعنى القراءتين سواء كما ذكرنا في أذن وأذن، والتفزيع إزالة الفزع كالتمريض والتقرير، وهذا دليل على أنه قد يصيبهم فزع شديد من شيء قد يحدث من أقدار الله، ولم يذكر ذلك الشيء لأن إخراج الفزع يدل على حصوله، فكأنه قد ذكر، والمفسرون ذكروا ذلك الشيء، قال ، قتادة ، ومقاتل : لما كانت الفترة التي بين والكلبي عيسى ومحمد عليهما السلام، وبعث الله محمدا ، أنزل جبريل بالوحي، فلما نزل ظنت الملائكة أنه نزل بشيء من أمر الساعة، فصعقوا لذلك، فجعل جبريل يمر بكل سماء ويكشف عنهم الفزع، فرفعوا رؤوسهم، وقال بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم قالوا الحق قال الحق، يعني الوحي، وهو العلي الذي فوق خلقه بالقهر والاقتدار، الكبير العظيم، والشيء أعظم منه.