قوله: [ ص: 510 ] إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم إنا نحن نحي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين
إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا قال أهل المعاني: هذا على طريق المثل، ولم يكن هناك غل.
قال : معناه حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله. الفراء
كقوله: ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك معناه: لا تمسكها عن النفقة، وقوله: فهي يعني أيديهم، كنى عنها ولم يذكرها لأن الأغلال والأعناق تدل عليها، وذلك أن الغل إنما هو يجمع اليد إلى العنق، وقوله: فهم مقمحون قال ، الفراء : المقمح: الغاض بصره بعد رفع رأسه. والزجاج
ومعنى الإقماح: رفع الرأس وغض البصر، يقال: أقمح البعير رأسه وقمح إذا رفع رأسه ولم يشرب الماء.
قال الأزهري : أراد الله أن أيديهم لما غلت عند أعناقهم رفعت الأغلال أذقانهم ورؤوسهم صعدا فهم مرفوعو الرؤوس برفع الأغلال إياها، يدل على هذا المعنى قول مقمحون: مغلولون. قتادة
قوله: وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا يريد منعناهم عن الإيمان لمواقع فهم لا يستطيعون الخروج من الكفر إلى الإيمان، كالمضروب أمامه وخلفه بالأسداد، وهذا معنى قول : منعهم من الهدى لما سبق في علمه عليهم. ابن عباس
وقوله: فأغشيناهم قال : ألبسنا أبصارهم غشاوة. الفراء
أي عمى، فهم لا يبصرون سبيل الهدى، ثم ذكر أن الإنذار لا ينفعهم بعد هذا، بقوله: وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون قال : أي: من أضله الله هذا الإضلال لم ينفعه الإنذار، إنما ينفع الإنذار من ذكر في قوله: الزجاج إنما تنذر من اتبع الذكر يعني القرآن، وخشي الرحمن بالغيب خاف الله في الدنيا، فبشره بمغفرة لذنوبه، وأجر كريم حسن وهو الجنة.
قوله: إنا نحن نحي الموتى يعني البعث، ونكتب ما قدموا من خير أو شر عملوه في حياتهم، وآثارهم خطاهم بأرجلهم.
أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد الطبري ، أنا محمد بن الحسين ، أنا عبد الله بن محمد الشرقي ، نا ، أنا عبد الرحمن بن بشر الثوري ، عن سعيد بن طريف ، عن ، عن أبي نضرة أبي سعيد ، قال: بنو سلمة إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعد منازلهم من المسجد، فأنزل الله، تعالى ونكتب ما قدموا وآثارهم فقال [ ص: 511 ] النبي، صلى الله عليه وسلم: "عليكم منازلكم، فإنما تكتب آثاركم". شكت
أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي ، نا ، نا محمد بن يعقوب عبد الله بن محمد الشاكر ، نا ، عن أبو أسامة يزيد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى، فأبعدهم" ، رواه ، البخاري ومسلم ، كلاهما عن ، عن أبي كريب وكل شيء من الأعمال، أحصيناه بيناه وحفظناه، أبي أسامة في إمام مبين وهو اللوح المحفوظ.