وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب
قوله: وعجبوا يعني: الكفار الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: بل الذين كفروا ، أن جاءهم منذر منهم يعني: رسولا من أنفسهم ينذرهم النار، وقال الكافرون هذا ساحر كذاب حين زعم أنه رسول.
أجعل الآلهة إلها واحدا وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل عبادة ما كانوا يعبدون من الآلهة مع الله ودعاهم إلى عبادة الله وحده فتعجبوا من ذلك، وقالوا: كيف جعل لنا إلها واحدا بعد ما كنا نعبد آلهة كثيرة، قوله: إن هذا الذي يقول محمد من أن الإله واحد، لشيء عجاب لأمر عجيب، وهذا كما يقال كبير وكبار، وطويل وطوال.
وقوله: وانطلق الملأ منهم قال المفسرون: إن أشراف قريش أتوا أبا طالب واجتمعوا عنده وشكوا إليه النبي صلى الله عليه وسلم، [ ص: 540 ] وقالوا: إنه سفه أحلامنا وسب آلهتنا وعاب ديننا، فعاتب أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: ما تريد من قولك يا ابن أخي؟ فقال: أدعوهم إلى كلمة واحدة. قال: وما هي؟ قال: لا إله إلا الله، فنفروا من ذلك وقالوا: أجعل الآلهة إلها واحدا وخرجوا من عند أبي طالب يقول بعضهم لبعض: امشوا واصبروا على آلهتكم فذلك قوله: وانطلق الملأ منهم أي: انطلقوا من مجلسهم الذي كانوا فيه عند أبي طالب وهم يقولون: اثبتوا على عبادة آلهتكم، واصبروا على دينكم. إن هذا الذي نراه من زيادة أصحاب محمد ، "لشيء يراد" لأمر يراد بنا.
ما سمعنا بهذا الذي يقول محمد ، أي: من التوحيد، في الملة الآخرة يعني النصرانية؛ لأنها آخر الملل، والنصارى لا يوحدون، لأنهم يقولون ثالث ثلاثة، وقال : يعنون دينهم الذي هم عليه. "إن هذا" ما هذا الذي جاء به قتادة محمد من التوحيد والقرآن، "إلا اختلاق" كذب وافتعال، ثم أنكروا تخصيص الله إياه بالقرآن والنبوة، فقالوا: أأنزل عليه الذكر من بيننا قال : قالوا كيف أنزل على الزجاج محمد القرآن من بيننا ونحن أكبر سنا وأعظم شرفا منه، فقال الله تعالى: بل هم في شك من ذكري يعني حين قالوا: إن هذا إلا اختلاق والمراد بالذكر القرآن، بل لما يذوقوا عذاب تهديد لهم، أي أنهم سيذوقونه.