الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب  قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين  وأمرت لأن أكون أول المسلمين  قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم  قل الله أعبد مخلصا له ديني  فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين  

                                                                                                                                                                                                                                      قل يا عباد الذين آمنوا صدقوا بتوحيد الله، اتقوا ربكم بطاعته واجتناب معاصيه، وتم الكلام، ثم قال: للذين أحسنوا وحدوا الله وأحسنوا العمل، في هذه الدنيا حسنة يعني الجنة، وأرض الله واسعة قال ابن عباس : يريد ارحلوا من مكة ، وهذا حث لهم على الهجرة من مكة إلى حيث يأمنون كقوله تعالى: ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      إنما يوفى الصابرون على دينهم فلا يتركونه لمشقة تلحقهم، وهذه الآية نزلت في جعفر بن أبي طالب وأصحابه حين لم يتركوا دينهم، ولما اشتد عليهم الأمر صبروا وهاجروا، وقوله: أجرهم بغير حساب قال عطاء : بما لا يهتدي إليه عقل ولا وصف، وقال مقاتل : أجرهم الجنة وأرزاقهم فيها بغير حساب.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: قل إني أمرت أن أعبد الله قال مقاتل : إن كفار قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على الذي أتيتنا به؟ ألا تنظر إلى ملة أبيك وجدك وسادة قومك، يعبدون اللات والعزى فتأخذ بها، فأنزل الله قل يا محمد : إني [ ص: 575 ] أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين  أمرت أن أعبده على التوحيد والإخلاص، لا يشوب عبادتي شرك، وأمرت بهذا، لأن أكون أول المسلمين من هذه الأمة.

                                                                                                                                                                                                                                      قل إني أخاف إن عصيت ربي بالرجوع إلى دين آبائي، عذاب يوم عظيم .

                                                                                                                                                                                                                                      قل الله أعبد مخلصا له ديني بالتوحيد لا أشرك به شيئا، فاعبدوا ما شئتم من دونه أمر تهديد. قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم بأن صاروا إلى النار، وأهليهم من الأزواج والخدم في الجنة. قال الزجاج : وهذا يعني به الكفار، فإنهم خسروا أنفسهم بالتخليد في النار، وخسروا أهليهم لأنهم لم يدخلوا مدخل المؤمنين الذين لهم أهل في الجنة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية