الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين  الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد  أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون  

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 577 ] أفمن شرح الله صدره للإسلام أي: وسعه لقبول الحق، روي عن ابن مسعود ، أنه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فقالوا: يا رسول الله، وما هذا الشرح؟ قال: "نور يقذفه الله في القلب فينفسح له القلب"، فقيل له: فهل لذلك من أمارة؟ قال: "نعم"، قيل: وما هي؟ قال: "الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت"   .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فهو على نور من ربه قال قتادة : النور كتاب الله عز وجل، به يأخذ وإليه ينتهي، وقال عطاء ، عن ابن عباس : فهو على يقين من ربه، وقال الزجاج : تقدير الآية: أفمن شرح الله صدره للإسلام كمن طبع على قلبه فلم يهتد لقسوته؟ ودل على هذا المحذوف قوله: فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله قال مقاتل : نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وأبي جهل ، لعنه الله، وقال عطاء : نزلت في علي وحمزة وأبي لهب وولده.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 578 ] وقوله: من ذكر الله قال الفراء ، والزجاج : عن ذكر الله، كما تقول: أتخمت من طعام أكلته، وعن طعام أكلته، سواء، والمعنى أنه غلظ قلبه وصفا عن قبول ذكر الله تعالى، أولئك أي: القاسية قلوبهم، في ضلال مبين .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: الله نزل أحسن الحديث يعني القرآن، وسمي حديثا لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث قومه ويخبرهم بما نزل عليه منه، وقوله: كتابا متشابها أي: يشبه بعضه بعضا، ويصدق بعضه بعضا، ليس فيه اختلاف ولا تناقض، تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم خوفا مما في القرآن من الوعيد، ومعنى تقشعر: تأخذهم قشعريرة، وهي تغير يحدث في جلد الإنسان عند الوجل والخوف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية