والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم
وقوله: والوالدات يعني الأمهات، يرضعن أولادهن لفظه لفظ الخبر ومعناه: الأمر، كما تقول: حسبك درهم.
أي: اكتف به، وهو أمر استحباب لا أمر إيجاب، يريد: إنهن أحق بالإرضاع من غيرهن إذا أردن ذلك، ولو وجب عليهن الإرضاع ما وجب لهن الأجرة، وقد أوجب الله لهن الأجرة في سورة الطلاق.
[ ص: 341 ] وقوله: حولين كاملين أي: سنتين، وذكر الكمال لرفع التوهم من أنه على مثل قولهم: أقام فلان بمكان كذا حولين أو شهرين.
وإنما أقام حولا وبعض الآخر، ويقولون: اليوم يومان مذ لم أره.
وإنما يعنون يوما وبعض آخر.
وهذا تحديد لقطع التنازع بين الزوجين إذا اشتجرا في مدة الرضاع، فجعل الحولين ميقاتا لهما يرجعان إليه عند الاختلاف، وليس هذا تحديد إيجاب.
وقوله: لمن أراد أن يتم الرضاعة يقال: رضع المولود يرضع رضاعة ورضاعا.
والمعنى: أن هذا التقدير والبيان لمريدي إتمام الرضاعة من الأب والأم، وليس فيما دون ذلك وقت محدود، وعلى المولود له يعني الأب، رزقهن وكسوتهن الكسوة: اللباس، يقال: كسوت فلانا أكسوه كسوة، إذا ألبسته ثوبا.
قال المفسرون: وعلى الزوج رزق المرأة المطلقة وكسوتها إذا أرضعت الولد.
بالمعروف أي: بما تعرفون أنه عدل على قدر الإمكان، لا تكلف نفس أي: لا تلزم، إلا وسعها ما يسعها فتطيقه.
وقوله: لا تضار والدة بولدها الاختيار فتح الراء من تضار وموضعه: جزم على النهي، والأصل: لا تضارر، فأدغمت الراء الأولى في الثانية، وفتحت الثانية لالتقاء الساكنين، وهذا الاختيار في التضعيف: إذا كان قبله فتح أو ألف، تقول في الأمر: عض يا رجل، وضار زيدا يا رجل.
والمعنى: لا ينزع الولد منها إلى غيرها بعد أن رضيت بإرضاعه وألفها الصبي، ولا تلقيه هي إلى أبيه بعدما عرفها، تضاره بذلك.
[ ص: 342 ] وقيل: معناه: لا تضار والدة فتكره على إرضاع الصبي إذا قبل من غيرها وكرهت هي رضاعه ؛ لأن ذلك ليس بواجب عليها.
ولا مولود له بولده فيكلف أن يعطي الأم إذا لم يرتضع الولد منها أكثر مما يجب لها عليه.
والقولان: على مذهب الفعل المبني للمفعول نهيا.
وقرأ ابن كثير لا تضار برفع الراء على الخبر، منسوقا على قوله: لا تكلف أتبع ما قبله ليكون أحسن في تشابه اللفظ، وهو خبر بمعنى الأمر والمعنى: ما ذكرنا. وأبو عمرو