كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع الزبانية كلا لا تطعه واسجد واقترب
كلا إن الإنسان ليطغى نزلت هذه الآية وما بعدها إلى آخر السورة في أبي جهل ، ومعنى: كلا حقا، إن الإنسان يعني أبا جهل ، ليطغى قال : كان إذا أصاب مالا زاد في ثيابه، ومركبه، وطعامه، وشرابه، فذلك طغيانه. ونحو هذا قال مقاتل : يرتفع عن منزلة إلى منزلة في اللباس والطعام. الكلبي
[ ص: 529 ] أن رآه استغنى أي: رأى نفسه غنيا.
أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري ، نا محمد بن يعقوب الأموي ، نا إبراهيم بن عبد الله العبسي ، أنا ، عن جعفر بن عون ، عن أبي عميس القاسم ، قال: قال : عبد الله بن مسعود أما طالب العلم، فيزداد رضا للرحمن، وأما طالب الدنيا، فيزداد في الطغيان، ثم قرأ: منهومان لا يشبعان طالب علم وصاحب الدنيا، ولا يستويان، كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى قال : ثم خوفه الله تعالى بالرجعة، فقال: مقاتل إن إلى ربك الرجعى أي: المرجع، والرجعى مصدر على فعلى، قوله: أرأيت الذي ينهى .
أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبيد الله المخلدي ، أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي بن زياد الدقاق ، أنا أحمد بن مكرم البرتي ، نا ، نا علي بن المديني ، عن أبيه، عن المعتمر بن سليمان ، عن نعيم بن أبي هند أبي حازم ، عن ، قال: أبي هريرة أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم، قالوا: نعم، قال: فبالذي يحلف به لئن رأيته، يفعل ذلك لأطأن على رقبته، قال: فقيل له: ها هو ذاك يصلي، فانطلق ليطأ على رقبته، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقي بيديه، فأتوه فقالوا: ما لك يا أبا الحكم ؟ قال: إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا، أرأيت الذي ينهى إلى آخر السورة. فأنزل الله عز وجل: قال
رواه ، عن مسلم ، عن عبيد الله بن معاذ المعتمر ومعنى: أرأيت هاهنا: تعجيب للمخاطب، وكرر هذه اللفظة للتأكيد في التعجيب، وهو قوله: أرأيت إن كان على الهدى يعني: العبد المنهي وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
أو أمر بالتقوى يعني: بالإخلاص، والتوحيد، ومخافة الله.
أرأيت إن كذب أبو جهل ، وتولى عن الإيمان، وتقدير نظم الآية: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى وهو على الهدى، أمر بالتقوى، والناهي مكذب عن الإيمان؟ ! أي: فما أعجب من هذا! ألم يعلم يعني: أبا جهل ، بأن الله يرى ذلك فيجازيه به.
"كلا" لا يعلم ذلك، لئن لم ينته عن محمد صلى الله عليه وسلم وشتمه، وإيذائه ، تكذيب لنسفعا بالناصية السفع: الجذب الشديد، والمعنى: لنجرن [ ص: 530 ] بناصيته إلى النار، وهو كقوله: فيؤخذ بالنواصي والأقدام ، قال : ثم أخبر عنه أنه فاجر خاطئ، فقال: مقاتل ناصية كاذبة خاطئة .
تأويله: صاحبها كاذب خاطئ، أبو جهل رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو جهل : أتنتهرني يا محمد ؟ فوالله لقد علمت ما بها رجل أكثر ناديا مني، فأنزل الله عز وجل: فليدع ناديه أي: أهل مجلسه، يعني عشيرته، أي: فليستنصر بهم. ولما نهى
أخبرنا أبو منصور بن طاهر التميمي ، أنا أبو عبد الله محمد بن يزيد الجوزي ، نا ، نا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، نا أبو سعيد الأشج أبو خالد ، عن ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، قال: ابن عباس أبو جهل ، فقال: ألم أنهك عن هذا؟ فانصرف إليه النبي صلى الله عليه وسلم فزجره، فقال: والله إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني، فليدع ناديه سندع الزبانية فقال فأنزل الله عز وجل: : والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاء ، أبو عبيدة : واحد الزبانية زبني، وهو الشديد الأخذ، وأصله من زبنته إذا دفعته. والمبرد
قال : يريد: الأعوان زبانية جهنم. وقال ابن عباس : هم الملائكة، الغلاظ الشداد. الزجاج
ثم قال: كلا أي: ليس الأمر على ما عليه أبو جهل ، لا تطعه في ترك الصلاة، واسجد صل لله، واقترب إليه بالطاعة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم [ ص: 531 ] الفارسي ، أنا محمد بن عيسى بن عمرويه ، نا إبراهيم بن محمد ، نا ، نا مسلم ، نا هارون بن معروف ابن وهب ، عن عمرويه الحارث ، عن ، عن عمارة بن غزية سمي ، أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث، عن ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أبي هريرة "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء" .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الدركي ، أنا أبو العباس إسماعيل بن عبد الله الميكالي ، أنا عبدان الجواليقي ، نا زيد بن الحريش ، نا أبو همام ، عن ، عن مروان بن سالم ، عن الأعمش إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: . "أقرب ما يكون العبد من الله إذا كان ساجدا"