وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون
وقوله: وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك قال من ملامسة الرجال، وقيل: من الحيض والنفاس. ابن عباس:
[ ص: 436 ] واصطفاك على نساء العالمين قال الأكثرون: معناه: على عالمي زمانها فضلت عليهن.
قال وجائز أن تكون على نساء العالمين كلهن; لأنه ليس في النساء امرأة ولدت من غير أب غير مريم، ولأنها قبلت في التحرير للمسجد، ولم يكن التحرير في الإناث، فهي مختارة على النسوان كلهن بما لها من الخصائص. الزجاج:
يا مريم اقنتي لربك قال قومي للصلاة بين يدي ربك. ابن عباس:
وقال اطلبي القيام في الصلاة. مجاهد:
وقال أطيعي ربك. قتادة:
واسجدي واركعي قدم السجود لفظا وهو مؤخر في المعنى، و "الواو" لا توجب ترتيبا عند النحويين، وقوله: مع الراكعين ولم يقل: مع الراكعات.
لأن الراكعين أعم، لوقوعه على الرجال والنساء إذا اجتمعوا.
قال المفسرون: كلمت الملائكة مريم بهذا شفاها، فقامت في الصلاة حتى ورمت قدماها وسالت دما وقيحا.
قوله: ذلك يعني ما قص من حديث مريم وزكريا ويحيى، من أنباء الغيب أخبار ما غاب عنك وعن قومك، نوحيه إليك نلقيه إليك بإرسال جبريل بها، وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم فيه إضمار، والمعنى: أيهم أرفق بكفالتها.
قال في رواية ابن عباس هؤلاء جماعة كانوا من الأنبياء اختصموا في عطاء: مريم، كل واحد يقول: أنا أولى بها.
فقال زكريا: هي بنت عمي، وخالتها عندي.
قالوا: فتعالوا حتى نستهم.
فجمعوا سهامهم ثم أتوا بها إلى الماء [ ص: 437 ] وقالوا: اللهم من كان أولى بها فليقم سهمه وليغرق البقية.
وألقوا سهامهم فارتز قلم زكريا وانحدرت أقلام الباقين، فقرعهم زكريا.
قال كانت قتادة: مريم بنت إمامهم وسيدهم عمران بن ماثان، كانوا أهل بيت صالح من الله بمكان، فتشاح عليها بنو إسرائيل، فاقترعوا بسهامهم أيهم يكفلها، فقرعهم زكريا، فكفلها زكريا.