ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون
قوله: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب الآية، قال في رواية ابن عباس إن اليهود والنصارى احتجوا بأنهم أولى الكلبي: بإبراهيم وبدينه، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلا الفريقين منه ومن دينه بريء" .
فغضبوا وقالوا: يا محمد، والله ما تريد إلا أن نتخذك ربا.
فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
قال يقول: ما ينبغي لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم، يعني الفقه والعلم، والنبوة ثم يأمر عباد الله أن يتخذوه ربا من دون الله. قتادة:
والمعنى: ما كان لبشر أن يجمع بين هذين، بين النبوة وبين دعاء الخلق إلى عبادة غير الله، وهو قوله: ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله .
ولكن كونوا أي: ولكن يقول: كونوا ربانيين قال معلمين. ابن عباس:
وقال قتادة فقهاء علماء حكماء. وسعيد بن جبير:
قال سيبويه: زادوا ألفا ونونا في "الرباني"، إذا أرادوا تخصيصا بعلم الرب كما قالوا: شعراني ولحياني.
فالرباني على هذا القول: منسوب إلى الرب، على معنى التخصيص بعلم الرب، أي: يعلم الشريعة وصفات الرب.
وقال "الرباني": الذي يرب العلم ويرب الناس، أي: يعلمهم ويصلحهم. المبرد:
وعلى هذا القول: الرباني: من الرب الذي هو بمعنى التربية.
[ ص: 457 ] وقوله: بما كنتم تعلمون الكتاب أي: بكونكم عالمين بالكتاب، وبما كنتم تدرسون وبما كنتم دارسين للكتاب.
قال كونوا معلمي الناس بعلمكم ودرسكم، علموا الناس وبينوا لهم. الزجاج:
ومن قرأ تعلمون بالتشديد فالمعنى: بكونكم معلمين، أي: علموا الناس الكتاب وبينوا لهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم وما فيه من الحق والصواب، حتى تستحقوا هذه الصفة وتكونوا معلمين.
ومعنى تدرسون: تقرءون، ومنه قوله: ودرسوا ما فيه .
وقوله: ولا يأمركم من قرأ - بالرفع - قطعه مما قبله.
قال ولا يأمركم ابن جريج: محمد.
ومن نصب كان المعنى: ما كان لبشر أن يأمركم، فيكون نصبا بالنسق على قوله: أن يؤتيه قال معنى الآية: ولا يأمركم أن تعبدوا الملائكة والنبيين; لأن الذين قالوا: إن الزجاج: عيسى إله.
عبدوه واتخذوه ربا، وقال قوم من الكفار: إن الملائكة أربابنا.
يقال لهم: الصابئون.
وقوله: أيأمركم بالكفر استفهام معناه الإنكار، أي: لا يفعل ذلك، بعد إذ أنتم مسلمون أي: بعد إسلامكم.