وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين [ ص: 458 ] فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون
قوله: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين الآية، قال هذا ميثاق قد أخذه الله من النبيين أن يصدق بعضهم بعضا، وأن يبلغوا كتاب الله ورسالاته إلى عباده، فبلغت الأنبياء وأخذوا مواثيق أهل الكتاب في كتابهم أن يؤمنوا قتادة: بمحمد صلى الله عليه وسلم ويصدقوه وينصروه، وذلك قوله: لما آتيتكم من كتاب وحكمة ما هاهنا: بمعنى الشرط والجزاء، والمعنى: لئن آتيتكم ومهما آتيتكم من كتاب وحكمة.
وقرأ لما بكسر اللام، وهي متعلقة بالأخذ; لأن المعنى: أخذ الله ميثاقهم لما أوتوا من الكتاب والحكمة، أي: لأنهم الأفاضل وأصحاب الكتب والشرائع. حمزة
وقرأ نافع آتيناكم بالمد، وحجته: وآتينا داوود زبورا ، وآتيناه الحكم صبيا ، وآتيناهما الكتاب المستبين .
وقوله: ثم جاءكم يعني: ثم جاء أممكم وأتباعكم، وخرج الكلام على النبيين لأن ما لزمهم لزم أممهم.
وقوله: رسول مصدق لما معكم يعني محمدا صلى الله عليه وسلم، جاء بالقرآن بصدق التوراة في الأخبار والأقاصيص.
قوله: لتؤمنن به ولتنصرنه يريد: إن أدركتموه، قال أأقررتم أي: قال الله للنبيين: أأقررتم بالإيمان والنصرة له؟ وأخذتم على ذلكم إصري أي: قبلتم، قالوا أقررنا قال فاشهدوا أي: قال الله للنبيين: اشهدوا أنتم على أنفسكم وعلى أتباعكم.
وأنا معكم من الشاهدين عليكم وعليهم.
قوله: فمن تولى بعد ذلك قال فمن أعرض عما جئت به، وأنكر ما عاهد الله عليه. ابن عباس:
وقال فمن أعرض عن الإيمان بعد أخذ الميثاق وظهور آيات النبي صلى الله عليه وسلم. الزجاج:
فأولئك هم الفاسقون أي: الخارجون عن العهد والإيمان.
[ ص: 459 ] قوله: أفغير دين الله يبغون أي: أبعد أخذ الميثاق عليهم بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم يطلبون دينا غير دين الله وهو ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم؟ ! ومن قرأ بالتاء فلأن ما قبله خطاب، كقوله: أأقررتم وأخذتم والياء: على الإخبار عنهم، وقوله: وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها قال في رواية ابن عباس يعني: عند أخذ الميثاق وهو قوله: مجاهد: ألست بربكم وقال أما المؤمن فأسلم طوعا فنفعه، وأما الكافر فأسلم كارها في وقت اليأس فلم ينفعه ذلك. قتادة:
وقال عن عطاء، يريد بأهل السماوات والأرض: الملائكة، والمهاجرين والأنصار، ابن عباس: وعبد القيس طوعا، وسائر الناس أسلموا كرها، خوفا من السيف.
وقوله: وإليه يرجعون وعيد لمن أعرض عن دين الله، والمعنى: أيبغون غير دين الله مع أن مرجعهم إليه فيجازيهم على تركهم دينه؟ !