الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين  أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين  خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم قال ابن عباس: يعني اليهود وقريظة والنضير ومن دان بدينهم، كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا قبل مبعثه مؤمنين به، وكانوا يشهدون له بالنبوة، فلما بعث وجاءهم بالآيات والمعجزات كفروا بغيا وحسدا.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى كيف يهدي الله أي: لا يهديهم الله، كما قال ابن الرقيات:


                                                                                                                                                                                                                                      كيف نومي على الفراش ولما تشمل الشام غارة شعواء

                                                                                                                                                                                                                                      أي: لا نوم لي ولا أنام، ومثله قوله: كيف يكون للمشركين عهد عند الله أي: لا يكون لهم عهد.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزجاج: أعلم الله تعالى أنه لا جهة لهدايتهم، لأنهم قد استحقوا أن يضلوا بكفرهم، لأنهم قد كفروا بعد البينات.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وجاءهم البينات يجوز أن يريد ما بين لهم في التوراة والإنجيل، وهو قول ابن عباس.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يريد: ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من الكتاب والآيات والمعجزات.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والله لا يهدي القوم الظالمين قال ابن عباس: لا يرشد من نقض عهود الله وظلم نفسه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 461 ] وقوله: إلا الذين تابوا من بعد ذلك قال ابن عباس: راجعوا الإيمان بالله والتصديق بنبيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأصلحوا أعمالهم، وقال الزجاج: معنى أصلحوا: أظهروا للناس أنهم كانوا على ضلال، وأصلحوا ما كانوا أفسدوه ومن تغريرهم من تبعهم ممن لا علم عنده.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن الله غفور رحيم أعلم الله تعالى أن من سعة رحمته وتفضله أن يغفر لمن اجترأ عليه هذا الاجتراء، وذلك أن الذي فعلوا لا غاية وراءه في الكفر، وهو أنهم كفروا بعد تبين الحق لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية