قوله: كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم قال يعني اليهود ابن عباس: وقريظة والنضير ومن دان بدينهم، كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا قبل مبعثه مؤمنين به، وكانوا يشهدون له بالنبوة، فلما بعث وجاءهم بالآيات والمعجزات كفروا بغيا وحسدا.
ومعنى كيف يهدي الله أي: لا يهديهم الله، كما قال ابن الرقيات:
كيف نومي على الفراش ولما تشمل الشام غارة شعواء
أي: لا نوم لي ولا أنام، ومثله قوله: كيف يكون للمشركين عهد عند الله أي: لا يكون لهم عهد.قال أعلم الله تعالى أنه لا جهة لهدايتهم، لأنهم قد استحقوا أن يضلوا بكفرهم، لأنهم قد كفروا بعد البينات. الزجاج:
وقوله: وجاءهم البينات يجوز أن يريد ما بين لهم في التوراة والإنجيل، وهو قول ابن عباس.
ويجوز أن يريد: ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من الكتاب والآيات والمعجزات.
وقوله: والله لا يهدي القوم الظالمين قال لا يرشد من نقض عهود الله وظلم نفسه. ابن عباس:
[ ص: 461 ] وقوله: إلا الذين تابوا من بعد ذلك قال راجعوا الإيمان بالله والتصديق بنبيه. ابن عباس:
وأصلحوا أعمالهم، وقال معنى أصلحوا: أظهروا للناس أنهم كانوا على ضلال، وأصلحوا ما كانوا أفسدوه ومن تغريرهم من تبعهم ممن لا علم عنده. الزجاج:
فإن الله غفور رحيم أعلم الله تعالى أن من سعة رحمته وتفضله أن يغفر لمن اجترأ عليه هذا الاجتراء، وذلك أن الذي فعلوا لا غاية وراءه في الكفر، وهو أنهم كفروا بعد تبين الحق لهم.