أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون
قوله: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة الآية، خطاب للذين انهزموا يوم أحد، فقيل لهم: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة كما دخل الذين قتلوا وبذلوا مهجتهم وثبتوا على ألم الجراح والضرب، من غير أن تسلكوا طريقهم وتصبروا صبرهم؟ ! وهو قوله: ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم أي: ولما تجاهدوا فيقع العلم به.
والمعنى: ولما يعلم الله ذلك واقعا منكم; لأنه يعلمه غيبا.
قوله: ويعلم الصابرين انتصب على الصرف عن العطف، قال ابن الأنباري: هذه الواو يسميها أهل النحو واو الصرف، والذي بعدها ينصب على خلاف ما قبلها، كما تقول العرب: لا تأكل السمك وتشرب اللبن.
أي: لا تجمع بينهما، ولا تأكل السمك في حال شربك اللبن.
قوله: ولقد كنتم تمنون الموت الآية، قال المفسرون: كانوا يتأسفون على ما فاتهم من بدر، ويتمنون يوما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انهزموا يوم أحد فاستحقوا العقاب.
قوله: من قبل أن تلقوه يعني: من قبل يوم أحد، وقوله: فقد رأيتموه أي: رأيتم أسباب الموت وما يتولد منه الموت كالسيف والأسنة، [ ص: 499 ] وأنتم تنظرون أي: وأنتم بصراء تتأملون الحال في ذلك كيف هي، فلم انهزمتم؟ ! وهذا محذوف، وهو مراد; لأنه موضع العتاب.