الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله عز وجل: وما كان لنبي أن يغل روى عكرمة، عن ابن عباس: فقدت قطيفة حمراء يوم بدر [ ص: 514 ] مما أصيب من المشركين، فقال أناس: لعل النبي صلى الله عليه وسلم أخذها.

                                                                                                                                                                                                                                      فأنزل الله تعالى: وما كان لنبي أن يغل
                                                                                                                                                                                                                                      أي: يخون، من الغلول وهو الخيانة، وأصله: أخذ الشيء في خفية، يقول: ما كان لنبي أن يخون فيكم الغنيمة من أصحابه.

                                                                                                                                                                                                                                      و "أن" مع الفعل بمنزلة المصدر، كأنه قيل: ما كان لنبي الغلول، أراد: ما غل نبي، ينفي عن الأنبياء الغلول.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ يغل - بضم الياء وفتح الغين - من الإغلال وهو النسبة إلى الغلول، قال الفراء: قرأ أصحاب عبد الله يغل يريدون: أن يسرق ويخون، وذلك جائز، وإن لم يقل: يغلل، فيكون مثل قوله تعالى: فإنهم لا يكذبونك و لا يكذبونك .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم النجار، حدثنا سليمان بن أيوب الطبراني، حدثنا محمد بن أحمد بن يزيد النرسي، حدثنا أبو عمر الدوري المقري، عن أبي محمد اليزيدي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن مجاهد، عن ابن عباس: أنه كان ينكر على من يقرأ: وما كان لنبي أن يغل ويقول: كيف لا يكون له أن يغل، وقد كان يقتل، قال الله: ويقتلون الأنبياء ولكن المنافقين اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من الغنيمة،  فأنزل الله تعالى: وما كان لنبي أن يغل [ ص: 515 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبيد الله المخلدي، أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن رجاء، أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا عبد الواحد بن غياث، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، قال: سمعت أبا حميد الساعدي يقول: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن اللتبية على الصدقة، فلما جاء قال: هذا لكم وهذه الهدية أهديت إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا جلست في بيت أمك وأبيك حتى تأتيك هديتك؟ ثم قال: أما والذي نفس محمد بيده، ما يأخذ أحدكم شيئا بغير حقه إلا جاء يوم القيامة وهو يحمله على عنقه،  فلا أعرفن رجلا يجيء يوم القيامة وهو يحمل على عنقه بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم بسط يده حتى رأيت بياض إبطيه، فقال: ألا هل بلغت، ثلاثا، رواه مسلم، عن أبي كريب، عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة وقوله تعالى: ثم توفى كل نفس ما كسبت قال ابن عباس: يريد: تجازى ثواب عملها.

                                                                                                                                                                                                                                      وهم لا يظلمون لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية