يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا
قوله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل أي : بما لا يحل لكم في الشرع ، كالربا والغصب والسرقة والخيانة .
والباطل : اسم جامع لكل ما لا يحل .
نهى الله تعالى بهذه الآية عن جميع المكاسب الباطلة بالشرع ، ثم قال إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم أي : إلا أن تقع تجارة برضاء البيعين ، يرضى كل واحد منهما بما في يده .
وقرئ تجارة بالنصب - على تقدير : إلا أن تكون التجارة تجارة ، كما قال :
إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا أي : إذا كان اليوم يوما .
وقوله : ولا تقتلوا أنفسكم أي : لا يقتل بعضكم بعضا ، لأنكم أهل دين واحد ، فأنتم كنفس واحدة .
هذا قول والأكثرين . ابن عباس
وذهب قوم إلى أن هذا نهي عن ويدل على صحة هذا التأويل ما . قتل الإنسان نفسه ،
أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ ، حدثنا حدثنا أبو بكر بن أبي داود ، محمد بن بشار ، حدثنا حدثنا وهب بن جرير ، أبي ، قال : سمعت يحيى بن أيوب يحدث ، عن [ ص: 39 ] عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عمران بن أبي أنس ، عبد الرحمن بن جبير ، عن قال : عمرو بن العاص ، ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا احتلمت في ليلة باردة ، وأنا في غزوة ذات السلاسل ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ، ثم صليت بأصحابي الصبح ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال ، فقلت : إني سمعت الله يقول فدل هذا الحديث على أن عمرا تأول في الآية إهلاك نفسه ، لا نفس غيره ولم ينكر ذلك عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، قوله جل جلاله : ومن يفعل ذلك كان يقول : الإشارة تعود إلى كل ما نهي عنه من أول السورة إلى هذا الموضع . ابن عباس
وقال قوم : الوعيد راجع إلى أكل المال بالباطل وقتل النفس المحرمة .
وقوله : عدوانا وظلما : معنى العدوان : أن يعدوا ما أمر الله تعالى به ، وكان ذلك على الله يسيرا أي : إنه قادر على إيقاع ما توعد به من إدخال النار .
قوله عز وجل : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه الآية ، الاجتناب : المباعدة عن الشيء وتركه جانبا ، واختلفوا في الكبائر ما هي ؟ .
فأخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي ، حدثنا أبي ، حدثنا حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، يعقوب بن [ ص: 40 ] إبراهيم ، حدثنا أخبرنا إسماعيل بن علية ، حدثنا سعيد الجريري ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، أبيه ، قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وكان متكئا فاستوى جالسا قال : وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت " رواه عن البخاري ، ورواه قيس بن حفص ، عن مسلم ، عمر بن الناقد كلاهما ، عن إسماعيل بن علية .
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصرأباذي ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، أخبرنا أخبرنا محمد بن أيوب ، العباس بن الفضل البصري ، حدثنا حدثنا حرب بن شداد ، عبد الله بن عمير الليثي ، عن أبيه ، عن جده قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فسمعته يقول : "الكبائر سبع : أعظمهن إشراك بالله ، وقتل النفس المؤمنة ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنة ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، فمن لقي الله وهو بريء منهن كان معي في بحبوحة الجنة ، مصاريعها من ذهب" .
[ ص: 41 ] وقال في رواية ابن عباس الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار ، أو غضب ، أو لعنة ، أو عذاب ، وقال في رواية الوالبي : كل ما نهي عنه فهو كبيرة . ابن سيرين :
وقال الحسن ، ، والضحاك : كل ما جاء في القرآن مقرونا بذكر الوعيد فهو كبيرة نحو : قتل النفس ، وقذف المحصنة ، والربا ، والزنا ، وأكل مال اليتيم ، والفرار من الزحف . وسعيد بن جبير
أخبرنا عبد القاهر بن طاهر ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، أخبرنا جعفر بن محمد بن الليث الزيادي ، حدثنا أبو حذيفة ، حدثنا سهل ، عن قيس بن سعد ، عن : سعيد بن جبير يا لابن عباس : ، كم الكبائر سبع هي ؟ قال : هي سبع مائة أقرب منها إلى سبع ، غير أنه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار ابن عباس أن رجلا قال