وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا
قوله جل جلاله : (وإن خفتم ) أي : علمتم شقاق بينهما أي : عداوة وخلاف ما بينهما ، فابعثوا حكما من أهله المأمور ببعث الحكمين السلطان الذي يترافع الزوجان فيما شجر بينهما إليه ، والحكم بمعنى الحاكم وهو المانع من الظلم .
وقوله : من أهله وحكما من أهلها أي : من أقارب هذا وأقارب تلك ، إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما قال عامة المفسرين : إن أراد الحكمان إصلاحا يوفق الله بين الزوج والمرأة حتى يصطلحا .
[ ص: 48 ] إن الله كان عليما بما في قلب الزوجين من المودة ، خبيرا : بما يكون منهما .
قوله عز وجل : واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا .
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المهرجاني ، أخبرنا عبيد الله بن محمد الزاهد ، أخبرنا أخبرنا أبو القاسم البغوي ، عبيد الله بن محمد العبسي ، حدثنا عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي المليح ، روح بن عائذ ، عن عن أبي العوام ، قال : معاذ بن جبل ، كنت رديفا للنبي صلى الله عليه وسلم على جمل أحمر فقال : "يا معاذ ، قلت : لبيك ، قال : هل تدري ما حق الله على العباد ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن حق الله عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، هل تدري ما حق العباد على الله إذا هم فعلوا ذلك ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن حقهم على الله إذا هم فعلوا ذلك أن يغفر لهم وأن يدخلهم الجنة" .
أخبرنا المفضل بن إسماعيل بن أحمد الإسماعيلي ، أخبرنا جدي حدثنا الإمام أبو بكر الإسماعيلي ، حدثنا عبد الله بن الصقر السكري ، حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا عبد الله بن خراش ، عن العوام بن حوشب ، إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن قال : ابن مسعود ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال : يا نبي الله أوصني ، قال : "لا تشرك بالله شيئا ، وإن قطعت أو حرقت ، ولا تدع الصلاة لوقتها ، فإنها ذمة الله تعالى ، ولا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر " [ ص: 49 ] قوله : وبالوالدين إحسانا قال : برا بهما مع اللطف ولين الجانب ، ولا يغلظ لهما في الجواب ، ولا يحد النظر إليهما ، ولا يرفع صوته عليهما ، يكون بين أيديهما مثل العبد بين يدي السيد تذللا لهما . ابن عباس
وبذي القربى قال : يصله ويتعطف عليه ، واليتامى : يرفق بهم ، ويدنيهم ، ويمسح رأسهم ، والمساكين : ببذل يسير أو ، رد جميل ، والجار ذي القربى يعني : الذي بينك وبينه قرابة ، فله حق القرابة ، وحق الجوار ، وحق الإسلام ، والجار الجنب هو الذي ليس بينك وبينه قرابة ، يقال : رجل جنب .
إذا كان غريبا متباعدا عن أهله ، وقوم أجناب .
والجنابة : البعد .
أخبرنا أبو طاهر الزيادي ، أخبرنا أحمد بن يعقوب الثقفي ، أخبرنا الحسن المثنى ، حدثنا حدثنا عفان بن مسلم ، محمد بن طلحة ، عن زبيد ، عن عن مجاهد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : عائشة ، "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " .
أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق ، حدثنا محمد بن الحسن السراج ، حدثنا حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا شعبة ، قال : سمعت أبو عمران الجوني ، طلحة ، يقول : [ ص: 50 ] قالت : "يا رسول الله إن لي جارين فبأيهما أبدأ ؟ فقال : بأقربهما منكم بابا عائشة ، إن " ، رواه عن البخاري ، عن حجاج بن منهال ، شعبة .
أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن معقل ، حدثنا حدثنا محمد بن يحيى الذهلي ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، أبي سلمة ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة ، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذين جاره " رواه عن مسلم ، حرملة ، عن ابن وهب ، عن يونس ، عن الزهري .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الزمجاري ، حدثنا عبد الله بن بيان الحريري ، حدثنا علي بن حسنويه القطان ، حدثنا محمد بن عبد الله المنادي ، حدثنا أبو هدبة ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنس بن مالك ، " إن الجار ليتعلق بالجار يوم القيامة يقول : يا رب أوسعت على أخي وقترت علي ، أمسي طاويا بطني ، ويمسي هذا شبعان ، سله لم أغلق بابه عني وحرمني ما قد أوسعت عليه ، فالجار متعلق بالجار يوم القيامة" .
وقوله والصاحب بالجنب قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، ، والحسن ، والسدي هو الرفيق في السفر ، له حق الجوار ، وحق الصحبة . والضحاك :
وابن السبيل : هو الضيف يجب قراه إلى أن يبلغ حيث يريد ، قال : هو عابر السبيل تؤويه ، وتطعمه حتى يرحل عنك . ابن عباس
[ ص: 51 ] وما ملكت أيمانكم يريد : المملوك ، تحسن رزقه ، وتعفو عنه فيما يخطئ .
وقوله : إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا قال : يريد بالمختال : العظيم في نفسه الذي لا يقوم بحقوق الله ، والفخور : الذي يفخر على عباد الله بما خوله الله من كرامته وما أعطاه من نعمته . ابن عباس
أخبرنا أحمد بن الحسن الحرشي ، أخبرنا حاجب بن أحمد ، حدثنا عبد الرحيم بن منيب ، أخبرنا أخبرنا النضر بن شميل ، عوف ، عن عن خلاس بن عمرو ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أبي هريرة ، "بينما رجل شاب ممن كان قبلكم يمشي في حلة مختالا فخورا ، إذ ابتلعته الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم تقوم الساعة " .
أخبرنا أبو طاهر الزيادي ، حدثنا أبو حامد البلالي ، حدثنا حدثنا عبد الرحمن بن بشر ، حدثنا بشر بن السري ، عن حنظلة بن أبي سفيان ، سالم ، قال : سمعت يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ابن عمر ، "من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " .
أخبرنا المفضل بن إسماعيل الإسماعيلي ، أخبرني جدي الإمام أخبرني أبو بكر الإسماعيلي ، إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان الأنماطي ، حدثنا عن هشام بن عمار ، سعيد بن يحيى اللخمي ، حدثنا عبد الله بن أبي [ ص: 52 ] حميد ، عن عن أبي المليح ، عباد بن حصين ، قال : إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ، والمنان الذي لا يفعل خيرا إلا من به ، ثم قرأ يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ، والذي يشتري بيمينه ثمنا قليلا ، ثم قرأ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة انطلقنا حاجين فمررنا على أبي ذر ، فقلنا : حدثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ثلاثة لا خلاق لهم : المختال الفخور ، ثم قرأ قوله عز وجل : الذين يبخلون نزلت في اليهود ، قال هم أعداء الله أهل الكتاب ، بخلوا بحق الله عليهم ، وكتموا الإسلام قتادة : ومحمدا ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة .
قال هم اليهود بخلوا أن يصدقوا من أتاهم صفة الكلبي : محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ، وأمروا قومهم بالبخل وهو كتمان أمره ، وذلك قوله : ويأمرون الناس بالبخل .
وقرئ بالبخل وهما لغتان ، مثل : الثكل والثكل .
قال : يأمرون سفلتهم بكتمان نعت محمد صلى الله عليه وسلم ، ويكتمون ما آتاهم الله من فضله قال : يريد العلم بما في التوراة مما عظم الله به أمر ابن عباس محمد صلى الله عليه وسلم وأمته .
ثم أوعدهم بالنار فقال : وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ، وهو النار يذلهم الله فيها ويخزيهم .