ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا
قوله جل جلاله : ألم تر إلى الذين يزعمون الآية ، الزعم والزعم : لغتان وأكثر ما يستعمل الزعم بمعنى القول فيما لا يتحقق ، يقال : زعم فلان إذا لم يدر لعله كذب أو باطل ، ومنه قوله تعالى : هذا لله بزعمهم أي : بقولهم الكذب .
قال المفسرون : أبو القاسم .
يعني : النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلم أنه لا يقبل الرشوة ، وقال المنافق : بيني وبينك كعب بن الأشرف .
لأنه علم أنه يأخذ الرشوة ، فأنزل الله : ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وقع نزاع بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين ، فقال اليهودي : بيني وبينك يعني : المنافقين ، يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت يعني : كعب بن الأشرف ، وقال : يعني : عطاء حيي بن أخطب وقد أمروا أن يكفروا به قال : أمروا أن لا يوالوا غير أهل دينهم . ابن عباس
ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا أي : ضلالا لا يرجعون عنه إلى دين الله أبدا .
[ ص: 74 ] ومعنى الآية : تعجيب للنبي صلى الله عليه وسلم من جهل من يعدل عن حكم الله إلى حكم الطاغوت مع زعمه بأنه مؤمن بالله ورسوله ، وما أنزل إليه من قبله .
قوله جل جلاله : وإذا قيل لهم أي : لهؤلاء المنافقين : تعالوا إلى ما أنزل الله يعني : في القرآن من الأحكام ، وإلى الرسول إلى حكمه ، رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا أي : يعرضون عنك إلى غيرك .
قوله عز وجل : (فكيف ) أي : فكيف يحتالون ويصنعون ، إذا أصابتهم مصيبة عقوبة من الله مجازاة على ما صنعوا وهو قوله : بما قدمت أيديهم أي : من التكذيب والكفر بالقرآن والرسول ؟ ثم عاد الكلام إلى ما سبق من القصة فقال : ثم جاءوك يحلفون بالله ، وذلك أن المنافقين أتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم : وحلفوا أنهم ما أرادوا بالعدول عنه في المحاكمة ، إلا إحسانا وتوفيقا أي : إلا توفيقا بين الخصوم أي : جمعا وتأليفا ، وإحسانا بالتقريب في الحكم دون الحمل على مر الحق .
وكل ذلك كذب منهم ؛ لأن الله تعالى قال : أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم من الكذب والخيانة والشرك والنفاق ، فأعرض عنهم أي : لا تعاقبهم ، وعظهم : بلسانك وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا قال : خوفهم بالله . ابن عباس
وقال : قل لهم : إن أظهرتم ما في قلوبكم من النفاق قتلتم ، فهذا القول البليغ ؛ لأنه يبلغ من نفوسهم كل مبلغ . الحسن
وقال : أعلمهم أنهم إن ظهر منهم رد لحكمك وكفر فالقتل . الزجاج