ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين
قوله جل جلاله : ولو أن أهل الكتاب آمنوا صدقوا محمدا صلى الله عليه وسلم ، واتقوا : اليهودية والنصرانية ، لكفرنا عنهم سيئاتهم التي عملوها قبل أن تأتيهم ، والمعنى : محونا ذنوبهم التي سلفت بالإيمان بك .
ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل قال : عملوا بما فيها من التصديق بك والوفاء لله ، وأظهروا ما فيها ابن عباس لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم قال : لأنزلت عليهم القطر ، وأخرجت لهم من نبات الأرض كلما أرادوا . ابن عباس
قوله : منهم أمة مقتصدة أي : مؤمنة ، وهم العادلة غير الغالية ولا المقصرة ، ومعنى الاقتصاد في اللغة : الاعتدال في العمل من غير غلو ولا تقصير .
وكثير منهم ساء ما يعملون بئس شيئا عملهم ، قال : عملوا القبيح وما لا يرضي الله تعالى مع التكذيب للنبي صلى الله عليه وسلم . ابن عباس
قوله عز وجل : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحسن "إن الله بعثني بالرسالة فضقت بها ذرعا ، وعرفت أن الناس مكذبي ، فأوعدني فيها : لأبلغها أو ليعذبنني" .
وقال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجاهر ببعض القرآن أيام كان ابن الأنباري : بمكة ويخفي بعضه ، إشفاقا على نفسه من [ ص: 209 ] تسرع المشركين إليه وإلى أصحابه ، فلما أعزه الله بالمؤمنين قال له : بلغ ما أنزل إليك من ربك .
والمعنى : بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك مجاهرا به ، فإن أخفيت منه شيئا لخوف يلحقك فما بلغت رسالته قال : يقول : إن كتمت آية مما أنزلت إليك لم تبلغ رسالتي . ابن عباس
يعني : أنه إن ترك إبلاغ البعض كان كمن لم يبلغ ، وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتم شيئا مما أوحي إليه ، فقد قالت رضي الله عنها : من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية ، والله تعالى يقول : عائشة بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته .
وقوله : والله يعصمك من الناس أي : يمنعك أن ينالوك بسوء من قتل أو أسر .
قالت رضي الله عنها : عائشة والله يعصمك من الناس فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة ، فقال : يا أيها الناس انصرفوا عني فقد عصمني الله . كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية :
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل ، حدثنا حدثنا محمد بن العلاء ، الحماني ، حدثنا النضر ، عن عن عكرمة ، ، قال : ابن عباس إن الله لا يهدي القوم الكافرين قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس وكان عمه أبو طالب يرسل كل يوم رجالا من بني هاشم يحرسونه ، حتى نزلت هذه الآية ، فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه ، فقال : يا عماه إن الله قد عصمني من الجن والإنس [ ص: 210 ] وقوله : : لا يرشد من كذبك وأعرض عن ذكري . ابن عباس