الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، أخبرنا أبو علي عبد الرحمن بن محمد بن الخطيب ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الزبيبي ، حدثنا بندار ، حدثنا ابن أبي عدي ، ومحمد بن جعفر ، وعبد الوهاب قالوا:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 115 ] أخبرنا عوف ، عن قسامة بن زهير المازني ، عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض  ، فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود، وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب" .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء : قال السدي : قال ابن عباس : قال الله تعالى لهم: إني خالق بشرا، وإنهم يتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا، فلذلك قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أكثر المفسرين: إنهم قاسوا على الغائب، فقالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها كما فعل بنو الجان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: ونحن نسبح بحمدك : معنى التسبيح: تنزيه الله من كل سوء، وكل من أثنى على الله وبعده عن السوء فقد سبح الله.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الحسن : معناه: نقول: سبحان الله وبحمده، وقال غيره: معنى قوله: "نسبح بحمدك": نتكلم بالحمد لك، والنطق بالحمد لله تسبيح له كما قال تعالى: والملائكة يسبحون بحمد ربهم ، وقال: فسبح بحمد ربك [ ص: 116 ] أي: احمده، ويكون حمد الحامد له تسبيحا له؛ لأن معنى الحمد: الثناء عليه والشكر له، وهذا تنزيه له واعتراف أنه أهل لأن ينزه ويعظم ويثنى عليه. قوله تعالى: (ونقدس لك) أي: نطهرك وننزهك عما لا يليق بك من النقص، واللام فيه صلة، والتقديس: التطهير، والقدس: الطهارة، والبيت المقدس: المطهر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قال إني أعلم ما لا تعلمون : قال ابن عباس : يعني إضمار إبليس العزم على المعصية وما اطلع عليه من كبره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قتادة : إني أعلم ما لا تعلمون : أنه يكون في أولاد آدم من هو من أهل الطاعة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إني أعلم ما لا تعلمون من تفضيل آدم عليكم وما أتعبدكم به من السجود له، وأفضله به عليكم من تعليم الأسماء، وذلك أنهم قالوا -فيما بينهم- ليخلق ربنا ما يشاء فلن يخلق خلقا أفضل ولا أكرم عليه منا، وإن كان خيرا منا فنحن أعلم منه، لأنا خلقنا قبله، ورأينا ما لم يره.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية