وقوله تعالى: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم تقدم تفسيره.
[ ص: 133 ] .
وقوله تعالى: وأني فضلتكم على العالمين التفضيل: نقيض التسوية، يقال: فضله، إذا أعطاه الزيادة، وفضله: إذا حكم له بالزيادة في الفضل، وهذا التفضيل هو ما ذكر في قوله تعالى: إذ جعل فيكم أنبياء .
وأراد بـ"العالمين" عالمي زمانهم، والخطاب للموجودين منهم في ذلك الوقت، والمراد بالتفضيل سلفهم، ولكن في تفضيل الآباء شرف الأبناء؛ لذلك قال: وأني فضلتكم على العالمين .
وقوله تعالى: (واتقوا يوما) أي: واحذروا واجتنبوا عقاب يوم، لا تجزي نفس عن نفس شيئا أي: لا يقضي ولا يغني أحد عن أحد في ذلك اليوم، يقال: جزى عنه كذا، إذا قضى عنه.
قال : هو يوم القيامة يقول: اتقوا يوما لا يغني والد عن ولده، ولا ولد عن والده. الكلبي
قوله تعالى: ولا يقبل منها شفاعة يقال: قبلت الشيء أقبله قبولا وقبولا، ويقال: على فلان قبول، أي: تقبله العين، ومعنى الشفاعة: كلام الشفيع من هو فوقه في جماعة يسألها لغيره، وهو الشفع الذي هو خلاف الوتر، وذلك أن سؤال الشفيع يصير شفعا لسؤال المشفوع له، وقرئ (ولا يقبل) بالياء؛ لأن الشفاعة والتشفع بمنزلة واحدة، كما أن الوعظ والموعظة والصيحة والصوت كذلك، وقد قال الله تعالى: فمن جاءه موعظة من ربه ، وقال: وأخذ الذين ظلموا الصيحة .
[ ص: 134 ] وقوله تعالى: ولا يؤخذ منها عدل عدل الشيء وعدله: مثله، قال الله تعالى: أو عدل ذلك صياما أي: ما يماثله من الصيام، قال : كعب بن مالك
صبرنا لا نرى لله عدلا على ما نابنا متوكلينا
أي: لا نرى له مثلا.
والمراد بالعدل في هذه الآية: الفداء، قال الله تعالى: وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أي: إن تفد كل فداء، وسمي الفداء عدلا لأنه يعادل المفدي ويماثله.
قال في هذه الآية: لو جاءت بملء الأرض ذهبا تفتدي به ما قبل منها. السدي
وقوله تعالى: (ولا هم ينصرون) أي: لا يمنعون من عذاب الله، قال المفسرون: نزلت هذه الآية في اليهود؛ وذلك أنهم كانوا يقولون: يشفع لنا آباؤنا الأنبياء، فآيسهم الله عز وجل من ذلك.