الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب الحكيم  أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين  إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون  إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون  هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون  إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون  

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم الر قال عطاء، عن ابن عباس: يريد أنا الله الرحمن.

                                                                                                                                                                                                                                      وعنه أيضا: أنا الله أرى.

                                                                                                                                                                                                                                      تلك [ ص: 538 ] آيات الكتاب قال: يريد: هذه الآيات التي أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم آيات الكتاب الحكيم يعني: القرآن المحكم من الباطل، أي: الممنوع من الفساد لا كذب فيه ولا اختلاف، قوله: أكان للناس عجبا أن أوحينا الآية: قال المفسرون: عجبت قريش من إرسال الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العباد، وقالوا: أما وجد الله من يرسله إلينا إلا يتيم أبي طالب؟ فأنزل الله تعالى: أكان للناس عجبا والألف في أكان للتوبيخ والإنكار، أن أوحينا إلى رجل منهم يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم يعرفون أباه وأمه، أن أنذر الناس يعني: أهل مكة، وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال مجاهد، والحسن: يعني: الأعمال الصالحة يقدمون عليها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الوالبي، عن ابن عباس: يقول: سبقت لهم السعادة في الذكر الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا نصر بن أبي نصر الواعظ، أنا عبد الله بن محمد بن نصير، أنا محمد بن أيوب، أنا عبد الله بن عمران، نا يحيى بن الضريس، عن خالد بن صبيح البلخي، عن مقاتل بن حيان، في قوله: قدم صدق عند ربهم قال: شفيع صدق، محمد صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وتم الكلام ثم ابتدأ فقال: قال الكافرون إن هذا لساحر مبين قال ابن عباس: أخرجوا محمدا من علمهم فيه بالأمانة والصدق، إلى غير علمهم فكفروا وأرادوا بالساحر محمدا صلى الله عليه وسلم، ومن قرأ: لسحر أراد: الذي أوحي إليه سحر، قوله: إن ربكم الله مفسر فيما سبق إلى قوله: يدبر الأمر قال ابن عباس: يخلق ما يكون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد: يقضي الأمر.

                                                                                                                                                                                                                                      ما من شفيع إلا من بعد إذنه قال الكلبي: ما من شفيع من الملائكة والنبيين إلا من بعد أمره في الشفاعة.

                                                                                                                                                                                                                                      ذلكم الله الذي فعل هذه الأشياء، ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون أفلا تتعظون يا أهل مكة بالقرآن ومواعظه.

                                                                                                                                                                                                                                      إليه مرجعكم جميعا إلى الله مصيركم يوم القيامة، وعد الله وعدكم الله ذلكم وعدا حقا، [ ص: 539 ] إنه يبدأ الخلق ثم يعيده رد على المشركين الذين أنكروا البعث ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط قال ابن عباس: بالعدل.

                                                                                                                                                                                                                                      والذين كفروا لهم شراب من حميم وهو الماء الحار.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: هو الذي جعل الشمس ضياء أي: ذات ضياء، والقمر نورا أي: ذا نور، وقدره منازل أي: قدر له، فحذف الجار، والمعنى: هيأ ويسر له منازل، لتعلموا عدد السنين والحساب يعني: حساب الشهور والسنين والأيام والساعات، ما خلق الله ذلك يعني ما تقدم من الشمس والقمر ومنازله، إلا بالحق إلا للحق من إظهار صنعه، وقدرته والدلالة على وحدانيته، يفصل الآيات يبينها، لقوم يعلمون يستدلون بالأمارات على قدرة الله.

                                                                                                                                                                                                                                      إن في اختلاف الليل والنهار في تعاقبهما ومجيئهما وذهابهما، وما خلق الله في السماوات من الشمس والقمر والنجوم والبروج والأفلاك وفي الأرض من الجبال والبحار، لآيات لقوم يتقون الشرك، فيستدلون بهذه الآيات على وحدانية الله وقدرته.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية