وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون
قوله: وجاوزنا ببني إسرائيل البحر أي: عبرنا بهم فأتبعهم فرعون وجنوده أي: لحقوه، كما قال [ ص: 558 ] فأتبعه الشيطان، بغيا وعدوا ظلما وعدوانا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل قال لم يقبل الله إيمانه عند نزول العذاب فلم ينفعه ذلك وقيل له ابن عباس: آلآن وقد عصيت قبل أي: الآن تتوب وقد أضعت التوبة في وقتها؟ قال المفسرون: خاطبه جبريل بهذا.
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد الزاهد، أنا أبو علي بن أحمد الفقيه، أنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، نا نا هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ابن عباس، جبريل عليه السلام: يا محمد لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر أحشو في فيه يعني فرعون مخافة أن تدركه الرحمة". " قال
وقال الضحاك بن قيس: وإن يونس كان عبدا صالحا، وإنه كان يذكر الله، فلما وقع في بطن الحوت سأل الله تعالى، فقال الله: اذكروا الله في الرخاء يذكركم عند الشدة، فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ، وإن فرعون كان عبدا طاغيا، ناسيا لذكر الله فلما أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ، فقال الله تعالى آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين .
وقال بلغنا السدي: أن جبريل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبغضت عبدا من عباد الله، ما أبغضت عبدين أحدهما من الجن والآخر من الإنس، أما الذي من الجن فإبليس حين أبى أن يسجد لآدم، وأما الذي من الإنس ففرعون حين قال: " أنا ربكم الأعلى ".
ولو رأيتني يا محمد وأنا آخذ من البحر فأدسه في فيه مخافة أن يقول كلمة ينجو بها.
وقوله: فاليوم ننجيك ببدنك قال والمفسرون: لما أغرق الله فرعون وقومه أنكر بعض بني إسرائيل غرق فرعون، وقال: هو أعظم شيئا من أن يغرق، فأخرجه الله حتى رأوه، فذلك قوله: ابن عباس فاليوم ننجيك ببدنك أن نلقيك على نجوة من الأرض، وهي المكان المرتفع ومعنى ببدنك بجسدك بغير روح، وذلك أنه طفى عريانا، وذهب قوم إلى أن معنى البدن هنا الدرع، قال كانت عليه درع من ذهب يعرف بها وهو البدن. ابن عباس:
والمعنى: أنا نرفع فرعون فوق الماء بدرعه المشهور ليعرفوه بها، وذلك قوله: لتكون لمن خلفك آية قال [ ص: 559 ] لتكون نكالا لمن خلفك، فلا يقولوا مثل مقالتك. الكلبي:
وقال معنى الآية: أنه كان يدعي أنه رب، وكان يعبده قومه فبين الله تعالى أمره وأنه عبد. الزجاج:
وفيه من الآية أنه غرق مع قومه وأخرج هو من بينهم فكان ذلك آية.