الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم  قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا قال ابن عباس: كان لهم من لدن فسطاط مصر إلى أرض الحبشة جبال فيها معادن ذهب وفضة وزبرجد وياقوت.

                                                                                                                                                                                                                                      ربنا ليضلوا عن سبيلك أي: إنك جعلت هذه الأموال سببا لضلالهم لأنهم بطروا بها فاستكبروا عن الإيمان، وطغوا في الأرض، ربنا اطمس على أموالهم قال الزجاج: تأويل طمس الشيء إذهابه عن صورته، والانتفاع به على الحالة الأولى التي كانت عليها.

                                                                                                                                                                                                                                      قال المفسرون: صارت أموالهم حجارة، الدراهم والدنانير صارت حجارة منقوشة صحاحا وأثلاثا وأنصافا.

                                                                                                                                                                                                                                      قال القرظي: جعل سكرهم حجارة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قتادة: بلغنا أن حروثا لهم صارت حجارة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عطاء: لم يبق لهم معدن إلا طمس الله عليه فلم ينتفع به أحد بعد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: واشدد على قلوبهم قال ابن عباس: امنعهم عن الإيمان بك، والمعنى: اطبع عليها حتى لا تلين ولا تنشرح للإيمان، وهذا دليل على أن الله يفعل ذلك بمن يشاء، ولولا ذلك ما حسن من موسى هذا السؤال، وقوله: فلا يؤمنوا قال الفراء، والزجاج: فلا يؤمنوا دعاء عليهم أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      والتأويل: فلا آمنوا حتى يروا العذاب الأليم يعني: الغرق.

                                                                                                                                                                                                                                      قال قد أجيبت دعوتكما قال المفسرون: كان موسى يدعو وهارون يؤمن ولذلك قال دعوتكما.

                                                                                                                                                                                                                                      فاستقيما على الرسالة والدعوة إلى أن يأتيهم العذاب، ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون لا تسلكان طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي، فتستعجلان قضائي، وخفف ابن عامر نون تتبعان للتضعيف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية