فلما رجع الرسول إلى الملك وأخبره بما أفتاه به يوسف عرف الملك أن ذلك التأويل صحيح، فقال: ائتوني الذي عبر رؤياي، فهو قوله: وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم
وقال الملك ائتوني به فجاء الرسول يوسف قال له: أجب الملك، فأبى أن يخرج مع الرسول حتى تبين براءته مما قذف به، فقال للرسول: ارجع إلى ربك يعني: الملك فاسأله ما بال النسوة ما حالهن وشأنهن؟ والمعنى: فاسأل الملك أن يتعرف ويسأل ما شأن تلك النسوة وحالهن ليعلم صحة براءتي، قال المفسرون: أشفق يوسف من أن يراه الملك بعين مشكوك في أمره، متهم بفاحشة، فأحب أن يراه بعد أن يزول عن قلبه ما كان فيه.
وقد استحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزم يوسف وصبره حين دعاه الملك فلم يبادر، وهو ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ارجع إلى ربك الآية، ولو كنت مكانه ولبثت في السجن طول ما لبثت لأسرعت الإجابة، وبادرتهم الباب، وما ابتغيت العذر، إن كان لحليما ذا أناة". " لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له، حين أتاه الرسول فقال:
أخبرنا أبو إبراهيم بن أبي القاسم المزكي، نا أبو عمرو بن مطر، نا محمود بن محمد الواسطي، نا أنا وهب بن بقية، [ ص: 617 ] خالد بن عبد الله، عن محمد بن عمرو بن مطر، عن أبي سلمة، عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة، " إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف ثم جاءني الداعي لأجبت " قال ولم يفرد الزجاج: يوسف امرأة العزيز لحسن عشرة منه وأدب، فخلطها بالنسوة، وقوله: إن ربي بكيدهن عليم أي: إنه عالم بذلك وقادر على إظهار براءتي، قال المفسرون: فرجع الرسول إلى الملك برسالة يوسف، فدعا الملك النسوة وفيهن امرأة العزيز، فقال: