وذلك قوله: فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه ضمهما إليه وأنزلهما عنده؟ قال عامة المفسرين: يعني أباه وخالته، وذلك أن أمه كانت قد ماتت في نفاسها ببنيامين، فقال لهم قبل دخولهم مصر ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين والاستثناء يعود إلى الأمن، وإنما قال: آمنين لأنهم كانوا فيما خلا يخافون ملوك مصر ولا يدخلونها إلا بجوارهم.
قوله: ورفع أبويه على العرش أي: أجلسهما معه على سرير الملك وخروا له سجدا كان تحية الناس يومئذ بعضهم لبعض السجود والانحناء والتواضع، وكأنهم لم يكونوا نهوا عن السجود لغير الله تعالى في شريعتهم، فلما رأى ذلك يوسف قال: يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي أي: إلي، يقال: أحسن بي وإلي.
قال كثير:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة لدينا ولا مقلية إن تقلت
إذ أخرجني من السجن ولم يذكر إخراجه من البئر كرما لئلا يذكر إخوته صنيعهم به بعد قوله: لا تثريب [ ص: 636 ] عليكم ، وجاء بكم من البدو والبدو البسيط من الأرض يقال: بدو وحضر، قال كان قتادة: يعقوب وولده بأرض كنعان أهل مواش وبرية من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي أفسد بيننا وحمل بعضنا على بعض، وقال دخل بيننا بالحسد. ابن عباس:إن ربي لطيف لما يشاء قال الأزهري: اللطيف من أسماء الله معناه: الرفيق بعباده، يقال: لطف فلان بفلان، يلطف.
إذا رفق به لطفا.
وقال اللطيف الذي يوصل إليك إربك في رفق. عمرو بن أبي عمرو:
قال أهل التفسير: إن ربي عالم بدقائق الأمور.
إنه هو العليم بخلقه الحكيم فيهم بما يشاء، ثم إن يعقوب أقام بمصر بعد موافاته بأهله وولده أربعا وعشرين سنة بأغبط حال، وأهنأ عيش إلى أن حضرته الوفاة، فأوصى إلى يوسف أن يحمل جسده إلى الأرض المقدسة حتى يدفنه عند أبيه وجده، ففعل ذلك يوسف، وكان عمر يعقوب مائة وسبعا وأربعين سنة، ولما جمع الله ليوسف شمله، وأقر له عينه.